أيلول اليوم لم يكن تاريخ أو رقم يختزله 26 فقط بل كان ثمرة كفاح امتدت منذ أول عصيان على يد أبناء الحجرية في العام 1094هـ ضد الإمام أحمد بن الحسين ومن ثورة الحجرية الى ثورة صبر الى ثورة يافع الى ثورة الفقيه سعيد الدنوي 1256 هـ الى حركة تعز وإب ضد الإمام يحيى عام 1928 هـ الى ثورة الزرانيق في تهامة الجريحة مرورا بالثورة الدستورية للعام 48 التي قادها الزبيري والنعمان وجمال جميل والفضيل الورتلاني والتي تم فيها قتل الإمام يحيى حميد الدين في 13 فبراير 1948 وتنصيب عبدالله الوزير إماماً دستورياً جديداً لليمن، الى حركة 55 بقيادة المقدم أحمد الثلايا مع بعض الضباط في الجيش الى حركة مارس 1961 م في السادس من مارس 1961 حين جرت محاولة الإطاحة بالإمام أحمد في مدينة الحديدة من قبل بعض الضباط على رأسهم الملازم عبدالله اللقية، والملازم محمد عبدالله العلفي، ومحسن الهندوانة، ومن خلفهم كان الزعيم عبدالله السلال مدير ميناء الحديدة يومها.
ثم ثورة 26 سبتمبر (الثورة الأم) 1962 والتي جاءت هذه الثورة تتويجاً لنضالات اليمنيين المستمرة ضد الإمامة طيلة قرون وسميت بثورة الألف عام لأنها كانت المحطة الفاصلة في تاريخ اليمن.
بعد إعلان وفاة الإمام أحمد حميد الدين ومبايعة البدر إماماً جديداً اشتعلت الثورة في كل من صنعاء وتعز وبقية المحافظات بقيادة الضباط الأحرار؛ السلال، علي عبد المغني، وغيرهم، ومن السياسيين ورجال الأعمال عبدالغني مطهر، ومحمد النعمان، والزبيري وآخرون وتم طرد الإمام البدر وإقامة الجمهورية.
وبعد كل محاولة كان يتم التنكيل بالأحرار وأهاليهم وأملاكهم تماماً كما سيق بالأمس تسعة من أبناء تهامة لنفس المصير ونفس الجلاد.
وهكذا نحن مررنا في كل أمسيات السادس والعشرين من أيلول من كل عام ، كانت تتنزل الثورة على قلوبنا قطرات من برد ، نشعر بالنشوة والفرح ونشعر بحرارة الانتصار العظيم في قلوبنا ، نشعر بوجع الأحرار ومعاناتهم ونفرح لثمرة الجماجم التي سقطت وهي تحاول أن تترك لنا وطناً يؤوينا دون تمييز أو تفريق .
ما يجب أن نعرفه أن 26 كان ولا يزال فكرة وليس يوم أو تاريخ ، 26 فكرة تحررية عظيمة ، 26 ضلعٌ من الدين يدعو الى ما دعا إليه الدين والوحي الإلهي من التحرر وإنهاء الإستعباد والإسترقاق .
مثلي يشاهد كثيرون وقع أيلول الجديد على قلبه اليوم بعد أن سقطنا في امتحان الوطن الكبير نشاهد ونستمع أغنيات الوطن الجمهوري ونصاب بألف غصة .
تلك الحقيقة التي يجب أن نفهمها جيداً أن ألف عام لا يمكن أن تزال بسهولة ، وأننا سنعود إلى ما قبل التاريخ لو أطيح ببقية الجمهورية .
لا يكفي أن تعرفوا ما هو 26 سبتمبر ومن هم أبطاله بل أن تعرفوا ما لذي كانت تفعله الكهنوتية فينا من ألف عام بدعوى الدين والتدين ، أن تعرفوا لماذا استمرات محاولات الأحرار رغم التنكيل والإعدامات .
49 عاماً فقط عشناها حتى العام 2011 نشعر بنشوة سبتمبر في ظل اليمن الجمهوري واليمن الموحد وما بعدها عقد من الزمن نواجه نفس الوجوه وبصورة أبشع من همجية الماضي .
الذي سيعيدهم هو اختلافنا حول حقيقة الجمهورية التي نتفق جميعاً عليها ونصر على خلافاتنا ، ولو عادوا سينبشون قبر عبد المغني بعظامنا ولن نجد لأجسادنا حتى قبوراً تحتويها وسنكون قد استحققنا ذلك عن جدارة .
صلوا وسلموا على خلافاتكم واحترموا نضالات الألف عام يا بقية الجمهورية .