كان القائد العظيم عماد الدين زنكي يحارب الصليبيين في الشام، وكان لديه فتى رومي يقوم على خدمته وهو غاية في الصدق والإخلاص والوفاء، وما كان أحدٌ ليتصور أن هذا الفتى يمكن أن يفكر في يوم من الأيام أن يخون مولاه. ولكن محاولات قوم ذلك الفتى تتالت، وكان يرفض في البداية لكنه في النهاية رضخ واقتنع وسهّل قتل سيده القائد عماد الدين زنكي سنة541 هجرية، على يد مجموعة تسللت إلى خيمته وقتلته وهو نائم.
ليس من الحكمة مطلقاً، أن تعيّن في جيشك قادةً وأفراداً ينتمون أسرياً إلى عدوك، مهما كان وفاؤهم لك. ذلك أنهم سيكونون ثغرة يتسلل منها أعداؤك للوصول إليك. هذا على افتراض أنهم أوفياء وليسوا مدسوسين وخونة.
هذا ما التقطه وأدركه الناصر صلاح الدين بعد مقتل زنكي بسنوات، فقام بتنظيف جيشه ودولته من الدخلاء فكان له النصر المؤزر.
في سنة 656 هجرية سقطت بغداد، وتم تدميرها إنساناً وعمراناً وعلوماً على يد التتار، ليس بسبب قوة التتار بل بسبب غباء الخليفة الذي ترك أمور الدولة بيد ابن العلقمي وابن الطوسي اللذين ضللنانه بخصوص التتار وتواصلا مع العدو وأمدّاه بالبيانات، وزاد ابن العلقمي أن أقنع الخليفة بضرورة تقليص عدد الجيش الموكل له حماية العاصمة بغداد.
هذه النكسة التاريخية كانت درسا عظيم الألم وضعه القائد ركن الدين بيبرس ورفيقه سيف الدين قطز، نصب عينيهما، فقاما بتنقية الجيش من العملاء، وكان لهما النصر المؤزر على التتار في عين جالوت بعد عامين فقط من سقوط بغداد.
وقبل ذلك كاد البرامكة أن يذهبوا بدولة بني العباس لولا تيقظ هارون الرشيد في الوقت المناسب، وقام بنكبة البرامكة وكانت شارة النكبة بعد أن سمع مغنية تغني:
ليت هنداً أنجزتنا ما تعد
وشفت أنفسنا مما نجد
واستبدت مرةً واحدةً
إنما العاجز من لا يستبد
لقد مضى الرشيد على خطى أبي جعفر المنصور الذي قضى على الثعبان الكبير أبي مسلم الخراساني، الفارسي الحقود الذي كان دولة داخل الدولة، بل لقد كان أقوى من الدولة.
وبين يدي الآن كتاب من تأليف دكتور الفلسفة الروسي تيوشكيفيتش، فيه تشديد كبير على أهمية اليقظة في هذا الجانب، حيث يذكر المؤلف أن من أسباب هزيمة مصر في نكسة حزيران 1967 بعض القادة والضباط الذين كان ولاؤهم لنظام الملك فاروق.