يدرك المبعوث الأممي إلى اليمن السيد مارتن غريفيث ان مهمة أي مبعوث أممي إلى اليمن تقوم في الأساس على تنفيذ قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالأزمة اليمنية.
مما لا شك فيه أن المجتمع الدولي الذي انتدب المبعوث الأممي لليمن قد وضع الإطار السياسي لتحرك المبعوث وفقاً للقرارات الأممية والتي في مجملها تنصب في إطار إنهاء الانقلاب وتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصِّلة ومنها القرار 2216… إلا أن المبعوث وضع مساراً خاص به وجعل من عملية الانتقاء بين مسارات الحل هي لعبته المفضلة فأوصل اليمن بهذه الطريقة إلى طريق مسدود، خاصة وان المسارات التي انتهجها والاتجاهات التي حددها قد أوصلت اليمن إلى مرحلة اللا حرب واللا سلام.
لقد تعمد المبعوث الأممي السيد مارتن غريفيث تغييب جذر القضية اليمنية التي انتدب من أجلها، وأضحت جل تحركاته السياسية لا تتفق ولا تتناسب مع مهمته الأساسية، فعبث بالملف اليمني وتحولت مهمته عن مسارها الطبيعي وتتداخل مع مبادراته الذاتية والتي ليس لها أي علاقة بتطبيق قرارات مجلس الأمن. فبدا وكان المبعوث يعمل على اعادة صياغة مهمته بالشكل الذي يحقق أهدافه الشخصية ويحافظ على موقعه وان على حساب حياة الملايين من اليمنيين.
الكل يدرك ان السيد غريفيث قد عمد وبشكل مستمر على تفريغ قرارات مجلس الأمن من محتواها، ووضع مسارات مبنيه على قناعاته الشخصية دونما اكتراث لحجم الكارثة التي اوصلنا إليها … فقد شرعن للانقلابيين خطواتهم، ودعم كل تحركاتهم، وسعى بكل جد واجتهاد لإنقاذهم في كل منعطف كان ينذر بزوالهم، وتماهى معهم وسار في طريق فرضهم على الشعب اليمني مخالفاً بذلك إرادة المجتمع اليمني الرافض لهم فعمق من جذور الأزمة.
من هنا نجد ان الأهمية تقتضي من المجتمع الدولي سرعة الوقوف أمام التداعيات التي وصلنا اليها في اليمن نتيجة عبث المبعوث الأممي، ووضع أسس لتصحيح مسار المبعوث وبما يتفق والإطار السياسي المحدد له كمبعوث أممي محايد، مع الإيمان بأهمية التعامل مع الواقع من خلال تبنى الروية المفضية لتنفيذ القرارات الأممية المنهية للانقلاب وليس من خلال السير في اتجاه تحقيق الرغبات الشخصية والبحث عن تحقيق النجاح الوهمي الزائف.
نعم… لقد حان الوقت ليترجل مارتن غريفيث عن فرسه، ولقد حان الوقت كذلك لقيامه بكل شجاعة (أن وجد في نفسه الشجاعة) لإعلان فشله وانسحابه من المشهد اليمني بماء الوجه، والتحلي بالمصداقية من خلال إطلاع مجلس الأمن بحقيقة الوضع بكل شفافية ووضوح دونما مواربة أو إغفال لحقيقة أن تعثر مهمته كانت نتيجة للحسابات الضيقة والخاطئة ونتيجة طبيعية لرفض الانقلابيين الانصياع للقرارات الأممية كما جاءت وليس كما كان يرغب في تسويقها، وان يؤمن السيد غريفيث ان الرحلات المكوكية واللقاءات العبثية ورش ذرات الملح هنا وهناك لأصباغ ما ينتج عنه بصبغة التوافق عليها قد انكشفت و أدت به وبفريقه إلى الفشل.
*من مدونة الكاتب.