أكتب ملاحظاتي التالية انطلاقاً من قناعاتي مِن خلال عملي في المجال الحقوقي؛ فخلفيتي تملي عليّ لدوافع موضوعية الكتابة عن المجال الحقوقي وعن العاملين فيه لغرض التقويم والدفاع عن مبادئ هذا العمل النبيل وتقريرا للعاملات والعاملين في هذا الحقل.
أدرك سلفاً أن النقد يثير حساسيات، وقد يحسب على أنه استهداف شخصي، لكني مؤمن بضرورة النقد كإيماني بنبل الدفاع عن الإنسان ومناصرة المظلوم وإحقاقاً للحق.
لم تتقبل بعض الحقوقيات وداعيات السلام النقد بصدر رحب، وهنا أود أن أوضح بأن نقدنا للعمل المؤسسي ليس هجوم شخصي لهؤلاء الناشطات وإنما هو نقد موضوعي وبناء نرجو من خلاله تحسين جودة العمل من أجل الوصول إلى الأهداف المنشودة.
في هذه السلسلة سيتم توضيح بعض النقاط وأتمنى من الجميع قراءة هذه النقاط بتمعن ورويه قبل القفز إلى الاستنتاجات:
١. أهمية التزام المنظمات النسوية والناشطات بمعايير الشفافية والنزاهة والمسائلة من خلال إصدار تقارير مالية دورية ومفصلة.
٢. أن يكون لهؤلاء الناشطات أهداف واضحة يمكن من خلالها تقييم أدائهن وكذلك تحديد نوعين من المخرجات. النوع الأول المخرجات الآنية المتمثلة بحل القضايا التي تستدعي إجراءات فورية مثل الإفراج عن المعتقلين والمخفيين قسرياً، وتحسين أوضاع وحقوق النساء في اليمن، والضغط على المجتمع الدول ومنظمات الأمم المتحدة لإدانة الانتهاكات التي تتعرض لها النساء. النوع الثاني هو المخرجات التي يمكن تحقيقها على المدى البعيد والتي تتمثل بوجود سقف أخلاقي وسياسي لمشاركتهن في المحافل الدولية والتركيز على بناء القدرات لضمان الديمومة والاستمرارية وأن يكون لهن حضوراً فاعلاً وتأثيراً ملموساً بحيث يكن قادرات على الوصول إلى الأهداف ولن يتم هذا الشيء إلا إذا توقفن عن اعتبار حضورهن هو الغاية واستخدام هذا الحضور والمشاركة كوسيلة لتحقيق السلام.
٣. بناء مؤسسات حقيقية قائمة على مبدأ العمل الجاد والاتصال الفعلي بالمجتمع اليمني والأطراف السياسية والعمل على رصد وتوثيق ونشر الانتهاكات وعرض المشاكل والحلول بما يعود بالنفع على المجتمع اليمني.
٤. أن لا يقبلن على أن يكن مجرد واجهات لشرعنة أعمال المبعوث باعتبارهن ممثلات عن المجتمع اليمني ويجب أن يتبنين قضايا المجتمع اليمني عوضا عن الدفاع أو تمثيل أهداف المبعوث فالسلام مطلب يمني أولاً و أخيراً.
٥. عدم تحقيق نتائج ملموسة خلال هذه السنوات باتجاه النساء تحديداً وعدم القدرة على حل القضايا الحساسة يعد فشلا ذريعاً.
٦. أن لا يقعن في فخ الفساد المستشري وأحد أوجه هذا الفساد هي اللجوء الى الصمت أو عدم الأقدام على عمل شيء تحت ذريعة اتباع سياسة الحياد فاليمن يمر بظروف استثنائية يعد الصمت فيها معيب. وبالكثير من المرات لا تسجل العديد من الناشطات والناشطين على حد سواء أي موقف فعلي من الانتهاكات الا بشكل تغريدة أو اللجوء إلى الصمت بينما نحن أحوج ما نكون إلى للرصد و التوثيق و إظهار الوجه القبيح للحرب في المحافل الدولية و المساعدة على مسألة الأطراف المرتكبة لهذه الجرائم.
٧. على الناشطات أن يفهمن بأن النقد البناء والتقييم هو الركيزة الأساسية لأي عمل وبالتالي على من لا يتقبل الآراء المغايرة أن يترك ميدان العمل الحقوقي فكيف لك أن تدعي أنك مدافع عن الحريات و حقوق الإنسان في حين أنك تمارس الإقصاء في حق من يخالفك الرأي.