تأتي العنصرية على كل شيء جميل في الحياة، ويتدخل أصحابها لليّ أعناق الحقائق، وتكييف مقاصد الشرائع، بطريقة تنسف الدين الحنيف من أساساته، لتمارس على الناس استعباداً مغلفاً بالقداسة، واستبداداً مدعماً باللاهوت.
والعنصرية أياً كان مصدرها أو نوعها، هي حمار العاجزين الذين لا تقوى أقدامهم على حمل ذواتهم المتضخمة إلى منصة التقدير، ذلك أنهم مصابون بالكُساح المُزمن، ولا يرجون لأنفسهم شفاء ولا عافية.
كما أن المصابين بداء العنصرية محرومون من اكتشاف جهالة منطقهم، مصداقاً لقول الرب سبحانه وتعالى: "سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها، وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا".
ومعلوم أن العنصرية كانت هي السبب وراء العصيان الأول "خلقتني من نار وخلقته من طين". ولئن استندت عنصرية إبليس على مبرر اختلاف المنشأ (الطين والنار)، فعلى أي مبرر تستند الفئة الآدمية التي تتكبر وتستعلي على بقية البشر، والكل من طين لازب!
العنصرية علاوة على ما سبق، هي آفة شرهة، لا تشبع، بل تتغذى على فضلاتها. وهي في كثير من الأحيان، أساس كل ظلم بين الشعوب وعلى مستوى أتباع الديانة الواحدة. وأقسى أنواع العنصرية وأشدها فتكاً بالحياة والأحياء، تلك العنصرية المبنية على نص ديني مزيّف، أو تأويلٍ متعسّف لنص ديني صحيح. من هنا جاء الرد القرآني الصارم "بل أنتم بشرٌ ممن خلق".
ولأن العنصرية هي سنام الظلم البشري فقد كان الثوار ضدها على اختلاف بلدانهم وأزمانهم، هم محور فخر البشرية جمعاء ونضالهم كان أسمى أنواع النضال. من هنا فإن كل من يناضل في اليمن ضد المشروع العنصري الكهنوتي المتمثل بالحوثيين، يناضل ضد العنصرية ومن أجل الكرامة والحرية والعيش النظيف. ولا يدافع عنهم إلا جاهل لم تجد نسائم الحرية طريقها إلى عقله ورئتيه، أو سافل هانت عليه نفسه وبلاده.
*يمن ميديا.