ها نحن نعيش ذكرى الانقلاب الحوثي الذي ادخل اليمن في عمق الصراع الدولي من أجل ان يحقق كل طرفٍ مصالحه التي تتعارض جملة ً وتفصيلا مع مصلحة اليمن العليا ارضاً وإنسانا، ما زال الحوثيون يقاتلون من أجل تحقيق رغبات (السيد) التي لن تتحقق الا على دمار اليمن وقتل وتشريد اليمنيين، رغبات السيد التي كانت سبباً في ان يقتل اليمنيين بعضهم بعضاً بأيديهم وأيدي الاخرين.
لا يمكن أن ننكر أن هناك من يحتفل اليوم في صنعاء بذكرى نكبة اليمن المعاصر لأنه يراها انتصاراً من الله (للسيد) الذي يقتلهم من أجل أن يدخلوا الجنة بصحبة علي والحسين رضي الله عنهما، ولا يمكن ان ننكر ان الالاف في صنعاء يعتبرون يوم نكبة اليمن يوماً مقدساً في تاريخهم المبني على الأسس العقائدية البعيدة عن هوية اليمنيين الإسلامية الوسطية عموماً، ليكون لتلك الأقلية القاتلة الحق في التحكم والسيطرة على اغلب سكان اليمن بمباركةٍ دولية تؤمن ان الحوثيون هم من سيحققون مصالحها وسينفذون استراتيجيتها طويلة الأمد في كسر الفكر اليمني الحر الذي يأبى إلا أن يعيش حراً على ترابه متحكماً بمقدراته .
المجتمع الدولي استطاع وبجدارة ايضاً ان يجعل من ذكرى النكبة ميلاداً لفكرٍ دولي جديد لا يقوم اساساً على القيم الإنسانية والمواثيق الدولية التي وجدت من أجل الانسان، ولكن من اجل تحقيق التطلعات الغربية في الشرق الأوسط بقيادة الدولتين الصديقتين بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، كما ان المصالح المختلفة المبنية على تجارة الأسلحة وتجارة النفط كان له حضور قوي جداً في نكبة اليمن مما جعلها أقسى مأساة إنسانية عبى مستوى العالم.
لن يتأثر النفط ولن تتأثر طرق الملاحة بالنكبة، من سيتأثر ويتأثر وقد تأثر هو الانسان البسيط الذي كان يظن أن هناك فعلاً إنسانية موجودة في قاموس العلاقات الدولية، وما زلنا في حالة الغرق والاحتراق الذاتي، ورغم ايماني ان الليل لا يطول ولكنه الان في اليمن قد طال بين نكبتين معاصرتين عصرتا أحلام وتاريخ اليمنين حتى أخرجت من أرواحهم اهات التاريخ.
يجب ان نؤمن أن صياغة المصالح الدولية لا يمكن اطلاقاً ان تتم بطريقة الكسر والهيمنة المطلقة دون وجود تبادل مصالح يمكن ان تحقق ولو مستوى الكفاف عند الشعوب المستضعفة، ويبقى في ذاكرة التاريخ ان المجتمع الدولي والمنظمات الدولية تشارك في قتل أكبر قدر من البشر وكسرهم من اجل ان تهيمن على منابع المال وتحقق أكبر قدر ممكن من المصالح والإثراء.
كما ان الخذلان الدولي لليمنيين قد يساهم في بناء روحٍ جديدةٍ لن تؤمن بالإنسانية التي تؤمن بالدولار أكثر من أرواح الأطفال التي ازهقت واطرافهم التي بترت وتبتر كل يوم، واجسادهم التي تقطع وتمزق لتمرير مشاريع وهمية يؤمن بها اشخاص مدفوعون بالأجرة اليومية سواءً في شمال اليمن او جنوبه.
وسيبقى تاريخ 21 من سبتمبر شاهداً على نكبتين عظيمتين عاشها اليمنيون نكبة الانقلاب على الوطن والمواطن بعد حوار دام قرابة 10 أشهر للخروج بوطنٍ يسع الجميع، وبين نكبة الاطماع الإقليمية والدولية التي نسفت كل معاني الإنسانية التي نعرفها لتشرع في بناء إنسانيةٍ تتناسب مع ما يريدونها من أطماع ومشاريع تخدم اوطانهم واطفالهم فقط على حساب اوطاننا واطفالنا.