هي معضلةٌ ارتبطت في كثيرٍ من البلدان بضعف الدولة وفسادها، لم تكن مرتبطةً ببقعةٍ معينةٍ من الأرض بقدر ما هي مرتبطةٌ بالفكر ومدى ارتباطه الروحي بالوطن ومدى سعة المفهوم الوطني.
الجمهورية اليمنية والتي تعتبر حفيدةً لممالك حكمت هذه الأرض الطيبة على مدى الاف السنين، وكانت دائمة البزوغ والأفول والقوة والضعف، ولكن ما فتأت اليمن تنجب الابطال الذين يبذلون قصارى جهدهم ولب ارواحهم للذود عنها وحماية وجودها وكيانها من الانهيار او الاستعمار أياً كان، الفترة الزمنية الحالية التي تمر بها بلادنا تعتبر واحدةً من أسوء مراحل التاريخ اليمني ضعفاً وفقراً وحاجة، كما انها تعتبر واحدةً من أكثر صور الصراع الدموي السلطوي الذي تغذيه المصالح الشخصية الممزقة للهوية اليمنية.
بعض الأخبار تقول أن اليمن احتل مركزاً متقدماً من حيث شراء العقار في دولة تركيا كما انها حققت أيضا مركزا متقدماً في شراء العقار في أم الدنيا مصر الحبيبة، وهذا الأمر في أحلك ظرفٍ تمر به اليمن التي صنفها المجتمع الدولي على انها اسوء أزمةٍ إنسانية في العالم، فيا ترى كيف يمكن لشعب فاق فيه الجائعون ما يقارب الخمسة والعشرون مليون ان يكون صاحب مركز متقدم في شراء العقارات في الخارج، هنا يرتبط الموضوع بالقدرة المالية لرجال الإعمال، لكن غالباً فإن رجال الاعمال لهم مثل هذه العقارات قبل ان تبدأ هذه الحرب اللعينة التي هدمت وشردت وقتلت ولكنها أيضا ساهمت في إثراء كثير من تجار الحروب والمتسلقين والمتزلفين، الوطن اليمني الان ارتبط بمدى القدرة على البيع للضمائر وارتبط بمدى القدرة على التسلق على حساب أهلنا في اليمن من الجائعين ومن الفقراء ومن المرضى وممن التهمت الجرائم أجسادهم واصبحوا ضحايا لجرائم حقوق الانسان، اليمن الان اصبح مرتعاً خصباً للقادرين على تمثيل الأدوار الثنائية والقادرين علي بيع الوهم وشراء العقارات، كما ان مضمون الخبر ان الكثير من الشخصيات التي يفترض بها ان تكون قائدةً للمرحلة لا تعرف كثيراً عن معاني الوطنية وكيف يكون الإلتصاق بالوطن خصوصاً في فترات الحروب والكوارث، وكيف يساهم القادة والمسؤولون وأصحاب الفكر والقلم والقيم والكتاب والمفكرين في انتشال وطنهم من القاع الذي اوصلوه اليه بتفاهاتهم واطماعهم، لم يكن اليمن عند كثيرٍ من مسؤولي الدولة يمثل جزءً من العقيدة الذاتية بقدر ما كان مثل خزنة ينهب منها ما استطاع لبناء ما استطاع له ولذريته من متاع الدنيا، لهذا نجد ان كثيراً من الكتاب العرب والخليجين منهم من يقول ان الوطنية والتربية الوطنية عند اليمنيين ضعيفة جدا وهي عند كثير من القيادات اليمنية اضعف، حتى الان ما استطاع المسؤولون اليمنيون ان يثبتوا التصاقهم الحقيقي باليمن وما استطاعوا ان يضيفوا حقيقةً لوجودهم، للأسف الشديد اقولها ان هناك من يموت من الجوع من أبناء اليمن داخل اليمن وخارجها ممن الجأتهم الحرب الى النزوح او اللجوء الى دول أخرى وبينهم الكثير من الاحرار الشرفاء الصادقين الذين رأوا أن عجزهم جاء من تخلي المسؤول عن واجبه في التضحية من اجل الوطن، صدرت قرارات كثيرة لشخصيات يمنية لتتحمل مسؤوليتها التاريخية فأخذت القرارات وما تبعها من فوائد مالية ودبلوماسية وغادرت الى دول العالم تبحث عن الاستقرار لها ولعائلاتها حتى تنقضي الحرب ثم يعودون ليبحثوا كيف يستمرون في عبثهم الجديد، والأصل ان تكون تلك الدول هي منفى لكل من حمل مسؤولية ثم تخلى عنها ولم يتخلى عن فوائدها، وهناك من يقاتل بصمت على ارض الوطن وهناك من تتعفن جراحهم التي أصيبوا بها وهم يواجهون الانقلاب وهناك من يضحي بروحه من اجل الوطن وهناك من هم لاجئين او كما يسمونهم نازحين خارج اليمن ومازالوا يبذلون قصارى جهدهم بالفكر والحرف والكلمات من اجل المساهمة ولو باليسير مما استطاعوا ان يقدموه من اجل وطنهم الذي اضاعه منهم حب المال والطمع الدنيوي الذي افقدنا للأسف كل شيء.
لن تقوم لنا قائمة ونحن نرى المال يساوي الوطن وان الوطن لا يعدو ان يكون سبباً للإثراء القبيح او سببا في الاسترزاق و(طلبة الله) بقبحٍ تاريخي ٍ لم يشهد له التاريخ مثيل.
وحسبنا الله ونعم الوكيل.