بينما كان غريفث يقدم شهادته الزور لمجلس الأمن والمجتمع الدولي حول قيام المليشيا بتنفيذ "استكهولم" لإنقاذهم من قرار دولي صارم ووشيك كان سيصدر ضدهم، كانت المليشيا تمنع وبشكل معلن وبتحدٍ صارخ للأمم المتحدة والمجتمع الدولي مرور مساعدات منظمة الأغذية العالمية التابعة للأمم المتحدة مشترطة أن يتم توزيع المساعدات بنظر المليشيا ذاتها، متحججة بأن المساعدات التي طلب إدخالها من قبل "الأغذية العالمية" منتهية الصلاحية وفيها حشرات! في وقت أهلكت الأوبئة المواطنين في مناطق سيطرة الحوثي كالكوليرا والدفتيريا..
يبدو أن إجراءً أحادياً آخر ستنفذه المليشيا، ولكن هذه المرة سيكون الشرط هو تغيير قيادة منظمة الأغذية بقيادة أخرى تسلم المساعدات للمليشيا، وبالتالي إعانتها على دعم تكاليف المجهود الحربي كما كانت تفعل إلى ما قبل صدور اتهام "الأغذية العالمية" للحوثيين بأنهم يسرقون المساعدات، سيكون طلبا سخيفا في حال أقدم الحوثيون على المطالبة بذلك.. لكن الأسخف سيكون هو انبطاح غريفث لمراضاتهم والضغط على المنظمة لتنفيذ أجندة الحوثيين كعادته تنفيذاً لتوجيهات جلالة الملكة.
ولن يكون ذلك غريباً على الشعب اليمني فقد سبق "الأغذية العالمية" منظمة اليونيسيف التي تحولت هي الأخرى إلى منظمة حوثية بامتياز تكرس أنشطتها لخدمة المليشيا وتنفيذ أجندتها في المناطق المسيطر عليها، ويعرف الكثير تورط المنظمة وبشكل فاضح بطباعة كتب مدرسية طائفية بما قيمته 70 مليون دولار.. في وقت تتغاضى المنظمة عن تجنيد الأطفال من قبل المليشيا وقنص المدنيين والأطفال في مناطق النزاع، فيما تصيح وتولول في حال أخطأ التحالف بضرب مدنيين، ما يوضح حوثية الرأي والحياد والموقف لدى اليونيسيف.
دلع الحوثيين على غريفث لن يتوقف، وتدليل غريفث للحوثيين لن ينتهي، فالمبعوث الأممي بات مندوبا ساميا بريطانيا أكثر منه مبعوثا أمميا.
ولا غرابة في ذلك فضابط الاستخبارات غريفث ينفذ أجندة بلده الاستعماري رغم الرقم الذي تجسده بريطانيا بين ديمقراطيات العالم إلا أنها تكشف عن وجهها القذر دوما في القضية اليمنية إزاء سعيها لتمكين الكهنوت المليشياوي رغم أنه ليس حزبا، وإنما جماعة سلالية عنصرية لا تؤمن بالديمقراطية ولا بالحرية ولا بالعدالة ولا بالمواطنة المتساوية.
هل ترضى بريطانيا خروج البروتستانت أو الكاثوليك غدا بالسلاح لإسقاط لندن والالتفاف على الديمقراطية ونهب بريطانيا قاطبة وقتل واختطاف المسؤولين وتفجير منازلهم ونهب ممتلكاتهم، ثم السيطرة على الحكم بأنهم عيال عيسى عليه السلام وأنهم عيال الله ومن يخالفهم فجزاؤه القتل؟!
ستكون الإجابة على الأمر بالاستحالة، وأنه أمر جنوني..
هذا ما حصل بالضبط يا جلالة الملكة، فاتركي اليمن وشأنه.
قال تقرير ل(سي إن إن) "إن المليشيا الحوثية تسعى لسحر الأجانب، لكنها جماعة فاشية وقاسية وتتعامل مع اليمنيين بقمع ووحشية"..
يعلم المجتمع الدولي قاطبة الوجه المستور والمفضوح معاً للمليشيا الحوثية في اليمن، لكن يبقى السؤال، ما الذي تريده بريطانيا من تمكين الحوثيين في اليمن؟!