حسين العواضي
الشيخ محسن بن معيلي.. تاريخ من الرجولة والحكمة والنضال
الثلاثاء 14 مايو 2019 الساعة 06:32

"يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي"

جاء خبر والله هز المفاصل
واربك الخاطر وعكر صفاه
 احزني له يالجبال الصوامل
 وانعي التبع وخطي رثاه
 مات محسن يا رجال الحمايل
 مات والتاريخ ينقش خطاه
 يوم سطرها قنابل وزامل
 واعلن الثورة ودك الطغاه
 يا رفيق المجد يا مجد كامل
 يا رفيق اسهيل في اعلا سماه
 ليت عند الموت يحصل تبادل
  توهب الاعمار للي كماه
  لكن احكام القدر ما تجامل
 لا عذر من موت بعد الحياه
 يسكنك ربي في الخلد واصل
 الرحيم العفو ما أنشد سواه

الفقيد الكبير الشيخ محسن بن علي بن معيلي هو نجل الشيخ علي بن حسن بن معيلي أحد قيادات ثورة 48.
ظل  رافضاً ان يطلع الى صنعاء حسب طلب الامام احمد وإعطاء البيعة للإمام وانتقل بسكنه الى الصحراء ما اضطر ابنه  الشيخ الفقيد محسن بن معيلي للاغتراب في المملكة العربية السعودية حتى قيام ثورة سبتمبر عام 1962م
حينها جمع ما لديه من المال وعاد إلى اليمن وفي طريقه مر على سوق البقع الذي بدأ يتدفق إليه السلاح، لدعم الملكيين.
اشترى من السوق مدفع بي عشرة وما استطاع من الذخائر واطلق العنان  للونيت الجمس واتجه إلى مارب وفور وصوله جمع من لديه من الرجال  لمهاجمة الناصرة مقر عامل الامام  وأعلن موالاته للثورة والجمهورية وهو يردد زامله الشهير:
جمهورية مادمت شوف السوابع 
وحالف اني كل رجعي ما اتبعه
عاد بي عشره يهز المواقع 
يا عناء السيد ومن هو معه 
يقول في الزامل ما معناه  ما زال وعيني تشوف الكواكب سأظل جمهورياً ما حييت. 
وقد أوفى بوعده وظل جمهوريا صادقا لجمهوريته التي آمن بها وناضل من اجلها حتى مماته.  
ظل جمهورياً في زمن اهتزت فيه قناعات وسلوك الكثير من الجمهوريين حتى  بعض حكام الجمهورية التي أفرغوها  من مضامينها.
لم يعرف عن الفقيد موالاته لاي جهه داخلية او خارجية. 
كان النظام في صنعاء يشتري ويدجن كثيرا من الشخصيات القبلية والمجتمعية ويعمل على تقزيمها او تصفيتها. 
وقد كان الفقيد الكبير احد الاهداف التي استخدمت معه كل السبل بما في ذلك محاولة التصفيه الجسدية الا انه ظل شامخاً وحكيماً. 
كان صراعه مع النظام صراع إرادات لا يرغب في كسر ارادة الدولة وان لم يكن راضيا عنها لكنه بالمقابل لا يقبل ان يكسر النظام ارادته وارادة ابناء المنطقة. 
ومع ذلك كانت علاقته برأس النظام  يسودها شيء من الاحترام. 
حتى ان الرئيس السابق كان عندما يزور مارب يذهب لزيارته الى مزرعته. 
يخالط هذه العلاقة أحياناً انفعالات رأس الدولة عندما تتضاءل قوته أمام صلابة هذا الرجل وحكمته ويتساءل
على ماذا يتكئ هذا البدوي في ثبات مواقفه وصلابته؟
فيرد عليه الفقيد في احدى الجولات وربما أهمها والنظام في عز نشوته وقوته بعد صيف حرب 94م عندما حرك الجيوش بما فيها الطيران على محافظة مارب وكانت الطائرات تطلق حاجز الصوت فوق منزله واللجنة المكلفة موجودة عنده. 
فرفع راْسه رحمه الله قائلاً:
يا طائرة في الجو طراده
مابه علي سالم ولا الجفري
انا من رجال الشعب والقادة 
ذي أسس السلال والعمري
يعني جذورنا راسخة في تربة هذا الوطن يصعب اقتلاعها نحن ممن أسسوا مداميك الثورة والجمهورية. 
وعندما ابلغت اللجنة الرئيس بما جاء في الزامل وبذكائه المعهود كلفهم  بالمفاوضات وسحب الجيش ومحسن بحكمته ودهائه عندما تمد الدولة يدها يمد يده ويرجع الامر للدولة والنَّاس ولا يخوض في التفاصيل.
كان الناس يلتفون حوله في اي قضية عامة لانه لا يحدد موقفه في اي قضية الا عندما يتذمر منها اغلب الناس او تتجاوز الحدود المقبولة.  
وكثير من الناس يترقبون موقف محسن في اي قضية باعتباره يحدد اتجاه البوصلة.
وفِي اغلب الأحيان كان يبين موقفه في زامل وكان اخر المواقف التي اطلقها للناس في زامل  عندما بدأ الحوثي يحشد قواته نحو مارب بعد الانقلاب على الشرعية الدستورية ومؤسسات الدولة. فقال رحمه الله:
ليه صاحي وغيرك يا فتى نايم
ليه تسخر من الدنيا وتشتمها
لا صفاء عيشها ما عشتها دائم
لا تعكر فعاد الموت خاتمها 
يا حماة الدير في صف متلاحم
حللوا لحم من ينوي يهاجمهما
من بلانا بشره ما رجع سالم 
وايش عذر الفتى ساعة مقادمها

تستغرب التاثير السحري لهذا الرجل البسيط الذي يفلح مزرعته بنفسه ولا يوزع أموالا ولا يملك سلطه وبالذات تاثيره على الصف الثاني وقطاع الشباب من ابناء القبائل والمجتمع ومن يعرفه او يتعرف عليه إنه 
الشيخ المناضل الثائر/ محسن بن علي بن معيلي الذي بفقدانه يفقدالوطن والجمهورية ومأرب  خاصة، قامة وطنية عالية  وهامة سوف يترك غيابها اثره على المشهد. 
اعزي نفسي وأعزي اسرة الفقيد
الشيخ /حسين بن علي معيلي
عبدالهادي محسن
عبدالله محسن
 ذياب محسن 
مراد محسن 
حميد محسن
والشيخ علي بن سعيد معيلي  وكافة ال معيلي   
 والعزاء موصول للأخوين العزيزين
الشيخ/ سلطان بن علي العرادة محافظ مارب
والشيخ/ احمد بن علي بن جلال
 وكافة مشايخ وأفراد قبائل عبيدة وابنا مأرب عامة. 
رحمة الله تعالى تغشاه وأسكنه الجنة. 
وانا لله وانا اليه راجعون.
  
اللواء/ حسين العجي العواضي
محافظ محافظة الجوف السابق

مقالات
أبو قصي الصبري المرادي
حفيد عامر بن صبر المرادي يدافع عن نفسه أمام آلة الصلف والهمجية!
همدان العليي
تهديدات عبدالملك وفليته.. "الهنجمة نصف القتال"
نبيل الصوفي
عبدالملك والحلم الإيراني.. من عنتريات القتل إلى مرارة الانكشاف
عادل الأحمدي
عبدالله بقشان: سيمفونية التنمية والتعليم
سمير اليوسفي
المصالحة الوطنية: مصير وطن ينتظر القرار
همدان العليي
ثورة ديسمبر.. واحدة من محطات النضال اليمني ضد العنصرية الكهنوتية