عادت جذوة الشفافية في المساعدات الإنسانية للاشتعال من جديد في أوساط المجتمع اليمني بقيادة مجموعة من الشباب والناشطين، عودة هذه الروح من جديد تكراراً ومراراً ما هو إلا إثبات على تقدم وعي المجتمع -و لو بشكل بطيء- وتطور نظرته التحليلية للبيئة الخارجية المحيطة به واشارة على إنه قد بدأ يشب عن الطوق الذي رسمته له شبكات الفساد التي امتدت أواصرها وحلقاتها وأصبحت على شكل منظمات ومؤسسات عابرة للقارات.
لي هنا عتب وتوضيح، أما العتب، فهو عتب علينا نحن الناشطين وقيادات منظمات المجتمع المدني، لماذا هذا الشتات والعشوائية في العمل؟ لماذا يجب أن نكون بعيدين كل البعد هكذا عن العمل المنظم والمخطط بالرغم من إننا نمتلك القدرات والخبرات لأن ننتج عمل منظم يستثمر هذه الطاقات والقوى؟ إن العمل بدون تخطيط ما هو إلا مرتع خصب للفرص الضائعة والطاقات المهدورة، بل أنه أيضاً ينعكس بمؤشرات سلبية تبعث على اليأس لكل من يريد أن يخوض في هذا النضال لأنه يجد أمامه كل هذه التجارب التي أخفقت في الوصول للهدف رغم إنها استطاعت أن تستقطب مختلف النخب السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية في العديد من المواقف ولكن مع هذا لم يكتب لها النجاح! لذلك، يجب أن يتم تأصيل كل حراك مجتمعي من أجل العدالة الإجتماعية والحكم الرشيد ويجب أن يتوقف الناشطين عن الانجرار خلف عواطفهم للقيام بأي عمل دون استباق ذلك بتخطيط كاف واستشارات وتشبيك مع مختلف الجهات والناشطين للحرص على أن تثمر الجهود وتتحقق الأهداف.
فيما يخص التوضيح، تداول الكثير من الناشطين أن هنالك ٩٦ منظمة تسلمت مبلغ ٢.٦ مليار دولار خلال العام ٢٠١٨ لتنفيذ مشاريع إغاثية أو تنموية في اليمن. ما أريد أن اوضحه هنا هو أن إجمالي المبالغ هو ٥.٣٣ مليار دولار وليس ٢.٦ مليار دولار، وأيضاً المنظمات التي تسلمت تلك المبالغ هي ١١٣ منظمة أممية ودولية ومحلية بالإضافة إلى الحكومة اليمنية.
ولكي أوضح أكثر للعزيز القارئ، آليات تمويل العمل الإنساني في الأزمات فلا بد أن نوضح دور مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أو ما يعرف بالاوتشا، فهذا المكتب يقوم بإعداد خطة تسمى "خطة الإستجابة الإنسانية" بالتشاور مع باقي المنظمات ومع الحكومة كذلك ويدعي إن هذه الخطة قادرة على تلبية كافة إحتياجات الشعب اليمني وانتزاعه من الأزمة الإنسانية في حال نفذت هذه الخطة. ولكن الكثير من الممولين لا يثقون بآليات عمل الأمم المتحدة ولا يثقون بتقاريرها فإنهم يقومون بتخصيص مبالغ خارج إطار عمل الأمم المتحدة حيث يقوم الممول بمنح هذه المبالغ مباشرة للمنظمات وقد تكون من ضمنها منظمات أممية كذلك.
وهذا هو ما حصل في التمويلات المقدمة لليمن خلال العام ٢٠١٨ حيث قدم الممولين ٢.٦٥ مليار دولار في إطار خطة الأمم المتحدة وأيضاً قدم ٢.٦٨ مليار دولار بشكل مباشر لمنظمات أخرى خارج إطار خطة الأمم المتحدة بإجمالي ٥.٣٣ مليار دولار وتسلمته المنظمات والجهات ال ١١٤ المذكورة في الكشوفات أدناه(أو عبر النقر هنا) وقرين كلاً منها إجمالي المبلغ الذي تسلمته بالدولار الأمريكي.
*من مدونة الكاتب.