لقد تعلمت منكم الكثير أيها البشر… تعلمت أن الجميع يريد العيش في قمة الجبل، غير مدركين أن سرّ السعادة تكمن في تسلقه.
تعلّمت أن المولود الجديد حين يشد على إصبع أبيه للمرّة الأولى فذلك يعني أنه أمسك بها إلى الأبد. تعلّمت أن الإنسان يحق له أن ينظر من فوق إلى الآخر فقط حين يجب أن يساعده على الوقوف. تعلمت منكم أشياء كثيرة!
لكن، قلة منها ستفيدني، لأنها عندما ستوضب في حقيبتي أكون أودع الحياة. قل دائماً ما تشعر به، وافعل ما تفكّر فيه
قبل ان اقرأ نبأ استشهاد الشاعر الثائر خالد الدعيس كنت ابحث عن صاحب النص الذي أوردته اول المقال شيء ما شدنا اليه قرأته في احد المدونات وقفت للتأمل والبحث بشكل عجيب وغريب كان النص اشبه بالوصية المكتوبة بروح الذين يرحلون عن هذه الحياة مخلفين بصمة طرية لا تتلف وتظل بذات الطراوة من جيل الى جيل
قرأت مباشرة آخر ما كتب خالد قبل استشادة هذه الوصية الختامية التي تحمل العديد من المضامين الفكرية والعسكرية والسياسية كما تعكس ملامح الشخصية اليمنية وكبرياء جبل بعدان وكل الجبال المقهورة وما اقسى قهر الجبال هو المجاز العادل لقهر الرجال
"منذ خمسة أيام تطوّعت مع رجال وأبطال وأحرار مقاومة خاصة بإحدى مديريات الضالع أكرموا مؤاخاتي لهم واحتفوا بي حتى أخجلوني، عليهم سلام الله.
خمسة أيام كنّا في موقع صد مقابل للحقب، تصدى الموقع خلالها بثبات لمحاولات التسلل، ليالي رائعة حقاً عشتها وما زلت.
كان في البال والخاطر الحقب ودمت وما بعدهما، ولكن؟!! قبل خمسة أيام أيضاً كانت التحذيرات تحوم حول ناصة، واليوم وفي السابعة صباحاً حاولت التطوع للانضمام لتعزيزات تنطلق لناصة… رُفِضَ الطلب بحجة كفاية العدد...ليتهم احتجوا بعدم الكفاءة بدلاً عن الكفاية، لكنهم لا يعلمون أن مرارة الموت على أيدي بني هاشم أهون من مرارة العيش في ظلّهم، بل هي عندي حلاوةٌ لا مرارة..
تم فقد ناصة اليوم من جديد.ضربة هاشمية موجعة.
قلبي مطمئن وضميري مرتاح وإن كنت منقهراً.ولكن لكم أن تتخيّلوا قهر الأبطال الذين حرروا ناصة قبل أشهر.
سبب سقوطها في نظري يرجع لغياب التنسيق بين القيادات والوحدات، وعدم تقدير الأمور بتاتاً وفقر مدقع في فهم نفسيّة العدو.
عموماً، سقوط ناصة أكرر أنه ضربةٌ هاشمية تحت الحزام لكل جرحٍ في كل ضميرٍ يمانيٍّ مجروحٍ أصلاً وكنت أتوقع مثلها وأكثر بعد سقوطنا كلنا أمام حجور، وبمناسبة مرور أربعة أعوام على ما يسميه أعداؤنا الأزليون بـ"العدوان" وكنت كتبت ذلك.
عاد الحال هنا في جبهة مريس إلى ما كان عليه قبل تحرير ناصة قبل ثمانية أشهر، ولكن ليس بذات المعنوية من جهة الجمهورية مقابل شهيةٍ مفتوحةٍ مغرورةٍ للإمامة المغرورة أصلاً، وبغياب تنسيقٍ هو، للأسف، غائبٌ أصلاً عن ولاة أمور المعركة.
على الصعيد الشخصي، فمحدثكم قضى سنةً في مأرب ثم أربعة أشهر في قعطبة، ولكن لم يملأ عين أحدهم ليشارك في جبهات الكرامة.. ربما يريدون منك أن تقول لهم "قوّا" و"يا منعاه" حتى تُضمّ إلى معسكرٍ ما وكأنك تطلّب منهم، تبّاً لهم.
محدثكم يؤكد أن البندقية التي أحملها بندقية الوالد، رحمه الله، هرّبتها بطريقتي من البلاد قبل فترة والجعبة والقرون والرصاص والميري من حر مالي.عموماً، على العهد والوعد… وإني لسعيدٌ بأن أكون حجوريّاً ولو بأثرٍ رجعي.
وأقول: رب وقد ابتليتنا ببني هاشم، فلمَ ابتليتنا بولاةِ أمورٍ لا يستطيعون صرفاً ولا نصراً وأين ما توجهوا لا يأتون بشيء.
أسأل من الله القبول وأن يشفي صدور قومٍ يمنيين مؤمنين، ربنا يحبكم أيها اليمانيون حبّاً خاصاً، فلا تجعلوا مرارة اللحظة تهز يقينكم باصطفاء المحبة هذا. ثمة اختتم خالد وصيته الأخيرة بعبارة سلامٌ على اليمن وعليكم أجمعين.
الشاعر الثائر خالد الدعيس هو امتداد لروح خالد اليمن الثائر الجمهوري حسن الدعيس
جسن الدعيس كان احد القادة الاذكياء واحد زعماء الاحرار الممتازين والفيلسوف الفطري الذي لم ياخذ الفلسفة عن دراسة وتعلم !!!
قال الدكتور عبد العزيز المقالح في اشارات اول صفحات الجزء الاول من مؤلف الشيخ سنان ابولحوم “اليمن حقائق ووثائق عشتها”:” ان المرحوم الشيخ حسن الدعيس قد كان اول المتنبهين الى اهمية الربط بين الريف والمدينة في الوعي بالثورة والى ضرورة ان تشعر القبائل بوطأة الظلم اللاحق بها وبقسوة التخلف الذي تعاني منه ، وانطلاقاً من المبدأ القائل انه عندما يسقط ولاء المشائخ للحاكم فان ولاء القبيلة نفسها يصبح غير وارد مهما حاول الحكم افساد مابين الشيخ والقبيلة.”!!
وقال العلامة محمد بن علي بن الحسين الاكوع:ان الشيخ حسن الدعيس “كان عبقرياً كما كان سياسياً حاذقاً الا انه لم تتح له الفرصة