• المتأمل في القرآن الكريم يجد أن مصطلح أهل البيت لم يذكر سوى في موضعين فقط، ولم يذكر في سواهما:
الأول: في قوله تعالى (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ ۚ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ ۖ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَىٰ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34) الأحزاب.
والحديث في سياق الآية من بدايتها إلى نهايتها يتحدث عن زوجات الرسول أمهات المؤمنين، وهن المقصودات بأهل البيت هنا، إذ أن زوجة الرجل هي أهله وأهل بيته عرفا وشرعا.
الثاني: في قوله تعالى: "قَالَتْ يَا وَيْلَتَىٰ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَٰذَا بَعْلِي شَيْخًا ۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72) قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ۖ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ۚ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ (73) هود، وبإجماع المفسرين أن المراد بأهل البيت في الآية هي سارة عليها السلام وهي أهل بيت إبراهيم بنص وسياق
الآية الكريمة..
ولم يقل أحد في الآية الأولى المتعلقة بأمهات المؤمنين أو الثانية المتعلقة بسارة، إن أهل البيت هم ذريته أو من هم من نسله..
• وفي اللغة العربية يأتي معنى الآل بمعنى الأتباع وليس القرابة لقوله تعالى (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46) غافر..
والمقصود به هنا أتباع فرعون لأنه لم يكن له ذرية، إضافة إلى أن زوجته من خلاصة المؤمنين الناجين، فليس معقولا أن تكون هي من أهله الذين يدخلون جهنم، وقد شهد الله لها بالإيمان ومخالفة طريقة فرعون..
• وفي الآية الأخرى ما يؤكد ذلك (يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) (98) هود، فآله هم أتباعه وجنوده.
• إضافة إلى أن الرسول يقول الناس سواسية (كأسنان المشط لا فضل لعربي على عجمي الا بالتقوى) ونحن نقوم نفضل العربي على العربي، وليس العربي على الأعجمي فقط ونقسم الناس حسب أنسابهم وأحسابهم، وقناديل وزنابيل..
• وعند الخلاف حول مفهوم الأحاديث فإن القرآن هو الحاكم على الكل لا سواه، فالأحاديث تعرضت للدس والتزوير والإضافات، والتجميع في فترات من الزمن، حسب رغبة وأهواء الفرق والجماعات الدينية، وعند اختلاف ما جاء في القرآن مع السنة فإن القرآن يقدم على كل شيء، والعلماء يقولون القرآن حاكم وليس محكوما، والجهلة المتأخرون هم من يقولون القرآن والسنة سواء وهذه مقارنة بعيدة جدا، لأن القرآن قطعي الثبوت، بينما السنة منها القطعي ومنها الظني.. والله يقول: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) الحجرات، ثم يأتي اليوم من يقول إن الكرامة عند الله بالولادة أو عبر الجد أو النسب، أو الجينات، كل هذا تجنٍّ ومخالفة صريحة لقواطع ونصوص الشريعة الإسلامية..
• وأما استدلالهم بآية سورة الشورى ففيه تحريف وتبديل قال تعالى: (قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ۗ (23) الشورى، والمعنى أن الله يقول لمحمد قل لأبي جهل وأبي لهب والذي بينك وبينهم قرابة (لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) فبدل ما تحرجوني يا قريش وبيني وبينكم مودة وقربى ونسب، دعوني مع المشركين الآخرين أتولى معهم الخصام، ما لكم أكثر لؤما في محاربتي وبيني وبينكم مودة وقربى ورحم، أي راعوا القرابة على الأقل فربما تدفعكم إلى ترك عداوتي، وهو ما ذكره ابن عباس في تفسير هذه الآية حيث قال: "لا أسألكم من أموالكم شيئا، ولكن أسألكم أن لا تؤذوني لقرابة ما بيني وبينكم، فإنكم قومي وأحقّ من أطاعني وأجابني".. إضافة إلى أن سورة الشورى مكية، وهذا هو التفسير الحقيقي الظاهري للآية، لا تفسير الهوى ولي أعناق النصوص لمصالح سياسية بحتة..
• فحصر مصطلح (الآل) في الأقارب بعيد جدا، ولله در نشوان الحميري إذ قال:
آلُ النبي همُ أتباعُ ملتهِ
من الأعاجم والسودانِ والعربِ
لو لم يكن آلهُ إلاّ قرابته
صلى المصلي على الطاغي أبي لهبِ
فآل محمد هم مليار ونصف المليار من المسلمين، ومن اتّبع سنته واهتدى بهديه هو من آله وهم أتباعه، وما سوى ذلك فهو تجنٍّ والبحث عن سلطة فقط، ومن أبطأ به عمله لن يسرع به نسبه..
ومن شر البلايا أن يفرق الخطباء بين معنى آل الييت والصحابة، إذ أن كل من عاصر الرسول هو صحابي فقط، سواء كان يقرب له نسبا أو من أي قبيلة عربية أخرى.
ويكفي أن نربط كل مواطن يمني باليمن كهوية وبلد دون طبقية أو تفريق أسري أو مناطقي. فالانتماء لليمن هو غاية الفخر والعزة والسيادة..
- وزير الأوقاف اليمني السابق