شيء واحد مهم يتعين الوقوف عليه في حادثة وتداعيات تصريح قرداحي حول حربنا اليمنية وموقع التحالف منها: أننا إزاء مهمة أساسية تتمثل في إعادة إبراز وصون التعريف الحقيقي لهذه الحرب.
الحقيقة أن الميليشيا الحوثية وبمساندة الآلة الإعلامية الإيرانية مضت بنجاح في تزوير تعريف هذه الحرب سواءً على مستوى الداخل أو الخارج، والأنكى أنها تمكنت من ذلك معتمدةً على تحالف دعم الشرعية. اتخذت منه لافتةً لتسويق نفسها كقوة وطنية تصارع اعتداء خارجياً.
بالنسبة للعالم لا تبدو اليمن أكثر من شيء يوجد في مؤخرة السعودية بالكاد يُرى. منذ سيطرة الميليشا الحوثية على صنعاء وتمددها إلى كامل الجغرافيا ظل العالم يكتفي بمجرد تصريحات متثائبة لا تنطوي على أدنى رغبة في التأثير. لكن هذا تغير تماماً مع تدخل التحالف بقيادة السعودية. الآن وجد العالم كعكة تستحق الاهتمام!
على مستوى الداخل استبشرت القوى الوطنية بهذا التدخل وقد جاء في لحظة ضعف قاتلة. رأت فيه حتمية هزيمة الميليشيا.
وانطلاقاً من حرص هذه القوى على أن يستمر التحالف فقد مضت تتحدث بكثافة عن كون الحوثية خطراً يمسّ الأمن القومي العربي عموماً والسعودية على وجه الخصوص. رأت في ذلك إمكانيةً كبيرةً لتحميس السعودية، هكذا وكأن هذه الدولة الكبيرة ستمضي في استراتيجياتها وخططها انطلاقاً من إفصاحات وسائلنا الإعلامية!
ولأن الحوثي كان يعاني كثيراً في تبرير حربه ضد اليمنيين قبل تدخل التحالف فقد تلقف هذا المتغيّر ليستخدمه في تحريف حقيقة الحرب بأنها بين اليمن والسعودية. والواقع أننا ساهمنا جميعاً في هذا التحريف وبنوايا مختلفة: نوايا ساذجة للقوى الوطنية وأخرى ماكرة للميليشيا الحوثية.
الآن لنتساءل: كم بقي ممن يدركون أن هذه الحرب في اليمن ما هي إلا معركة في تاريخ مليء بالحروب بين الإمامة كمشروع خرافة دخيل وبين مشروع الدولة اليمنية؟! أنها معركة ضمن حرب بدأت قبل ميلاد السعودية بقرون عديدة؟! وأن الميليشيا الحوثية تقترف في هذه المعركة بحق شعبنا أبشع الجرائم؟! وأن شعبنا خاض هذه المعركة الأخيرة قبل تدخل التحالف وفي أثنائه وسيظل كذلك بعد ما يبدو من خروج وشيك لما تبقى منه؟
إن إعادة هذا التعريف إلى الواجهة والتمسك به هو أهم ما يجب أن تقوم به قوانا الوطنية. ويجب أن ننطلق في هذا كمسار دائم لا كرد فعل لحظي على تصريح يأتي من أداة إيرانية أو حوثية بين فينة وأخرى.
*عن المصدر أونلاين