كل التجارب الإنسانية كالحب والزواج، المعاناة أو حتى الرفاهية يتهددها السأم من طول الاعتياد على نمطٍ معينٍ في العيش والعلاقات الاجتماعية العامة والخاصة.
أخطر ما في الملل أنه يتسلل إلى حياة الناس ببطءٍ وهدوءٍ، ويترك آثاراً على نفسياتهم لايمكنهم إدراكها بسهولة وفي توقيت مناسب.
يُحدث الملل من حالات الإحباط التي يمكن أن تقود إلى الإنتحار في مجتمعات ثرية أضعاف ما يفعله باليأس في مجتمعات فقيرة.. يمكن للقارئ أن يعود إلى بحثٍ بسيط للوقوف على الفارق في معدلات الإنتحار بين إفريقيا والدول الاسكندنافية مثلاً.
ولكن وفقاً لجيمس دانكيرت، رئيس مختبر الملل بجامعة ووترلو بأونتاريو فإن "البعض لديه قدرة مدهشة على التعامل معه".
يقول دانكيرت "إن إشارات الملل هي رسالة من الدماغ مفادها أنك لا تتفاعل مع العالم من حولك، أي أنك فقدت السيطرة على البيئة المحيطة بك وأنك غير مؤثر"..
مع هذا يبتكر الكثير من البشر طرقاً مختلفةً لكسر الملل.. أعرف كاتباً صديقاً يقوم بغسل ذات الصحون التي سبق أن غسلتها زوجته، وعندما سألته لماذا لا يقرأ كتاباً يكون جوابه أن "الدماغ يحتاج فترة للراحة بسماع أصوات وإيقاعات أخرى".
ذات الشيئ كررته لي جارة في لندن بأن الدماغ "يحتاج إلى استرخاء ولو بالانشغال بأعمال بلهاء لتخطي حالة الملل بدلاً من التفكير والعمل، ومن ثم العودة لاحقاً إلى المكتب بطاقةٍ أكبر وتركيز أقوى".
يقول مثل إنجليزي إن "الحب يجعل الوقت يمضي، والوقت يجعل الحب يمضي" والسبب وراء كل هذا هو الملل.
الملل في كل المعاناة هو الأخطر من أي معاناة، وهو ما يستدعي تغيير العادات وتنويع العلاقات وتجويد الصداقات وتعدد الاهتمامات!