تقرير للعفو الدولية يوثق انتهاكات الحوثي بحق المختطفين ويصفها ب"الخرق السافرللقانون الإنساني الدولي"
الجمعة 28 مايو 2021 الساعة 20:30
يمن ميدياـ متابعة خاصة:
وثق تقرير جديد لمنظمة العفو الدولية، نشرته الخميس، جملة من الشواهد على تورط ميليشيات الحوثي في ارتكاب انتهاكات بحق المختطفين، وصفها بالرهيبة.
وقالت المنظمة في تقريرها بأن كل المعتقلين الذين أجرت مقابلات معهم تعرضوا للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة السيئة خلال الاستجواب والاعتقال، داعية إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن أي شخص اعتقل لمجرد ممارسته السلمية لحقوقه.
وتضمن التقرير وصف للضحايا عن ممارسات مليشيات الحوثي بحقهم، والتي قامت بضربهم بالقضبان المصنوعة من الصلب والكابلات الكهربية والأسلحة وأشياء أخرى، وأبقتهم في أوضاع مؤلمة، وفتحت عليهم خراطيم المياه، وهددت مرارا بقتلهم أو أودعتهم الحبس الانفرادي لمدد تراوحت بين 20 يوما وعدة أشهر.
وأكد التقرير بأنه لا يزال الكثير من المعتقلين يعانون من إصابات بدنية ومشكلات صحية مزمنة نتيجة لهذه الانتهاكات، فضلا عن نقص الرعاية الصحية التي تلقوها خلال فترة اعتقالهم.
ويصف أحد الصحفيين كيف أنه فقد وعيه مرتين جراء الخوف والضغط النفسي بعد التهديدات التي وجهها له مستجوبوه :"هدد المحقق وآخرون بالغرفة بإطلاق النار علي، وهددوا بقتل والديَّ.
واضاف كانوا يريدون مني أسماء الصحفيين والطلاب الآخرين الذين يغطون الأخبار المعارضة للحوثيين، وهددوني بنزع أظافري واحدا واحدا، و بصدمات كهربية بين رجليّ".
صحفي آخر من المعتقلين وصف كيف تعرض لعملية إعدام وهمية مروعة عندما كان محبوسا بأحد فروع مكافحة الإرهاب بالحديدة، حيث استدعاه الحراس ليلا، وكبلوه وعصبوا عينيه، وأروه حفرة في الأرض بالخارج قائلين له: "هذا قبرك".
وقال الصحفي: "سمعت صوت طلقة في الخلفية فتوهمت أنني أصبت برصاصة ثم ركلوني ودفعوني إلى الحفرة، فوقعت على وجهي، وبدأ أنفي ينزف، وأحسست بطعم الدم في فمي، بدأت أبكي متذكرا أطفالي لأنني كنت واثقا أنهم سيدفنونني حيا، فتوسلت إليهم أن يقتلوني أولا.
فقال لي نفس الرجل "سندفنك هنا ولن تعرف أسرتك أبدا مكانك"كما قال المعتقلون إنهم عذبوا مرارا لمجرد أنهم طلبوا الطعام أو الماء.
وقال التقرير إن المليشيات تستخدم السجناء المفرج عنهم كقطع شطرنج سياسية حيث تمخضت الصفقات الخاصة بالسجناء التي تفاوضت عليها عن نفيهم وإبعادهم قسريا.
وأكدت بأن النفي بسبب المعتقدات الدينية أو المعارضة السياسية يمثل خرقا سافرا لقانون حقوق الإنسان الدولي.
وعن نفي المعتقلين البهائيين قالت المنظمة بأنه يمثل خرقا لحظر الإبعاد القسري المنصوص عليه في القانون الدولي الإنساني، وقد يرقى إلى حد جريمة الحرب.
وقالت هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة لعفو الدولية "إن هذا التقرير يبرز كيف استخدمت سلطات الأمر الواقع الحوثية هؤلاء فبعد سنوات من المعاناة تحت وطأة الانتهاك المروع والاعتقال غير القانوني، لم يأت الإفراج نفسه بالفرج للمعتقلين الذين تناولهم التقرير، إذ لم يتمكن أي منهم من العودة لدياره والتئام الشمل بالأهل بعد سنوات من الانفصال عنهم قسرا".
وأضافت "لا يجوز إجبار أي شخص على الاختيار بين البقاء رهن الاعتقال غير القانوني أو هجر دياره أو بلده.
ولا يجوز تحت أي ظرف من الظروف عند التفاوض على صفقات الإفراج عن السجناء أن تشتمل المفاوضات بصورة صريحة أو ضمنية على السماح بإرغام المعتقلين المفرج عنهم على النفي أو الإبعاد القسري عن ديارهم".
وكان الحوثيون قد أفرجوا في أكتوبر/تشرين الأول 2020 عن 1056 سجينا في إطار صفقة تم التفاوض عليها سياسيا تحت رعاية مشتركة من جانب كل من الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وفي 30 يوليو/تموز 2020، تم الإفراج عن ستة من البهائيين المعتقلين بعد أن قضوا ما يصل إلى سبعة أعوام رهن الاعتقال التعسفي. ولكن بدلا من السماح لهم بالعودة إلى ديارهم، فقد أجبرتهم المليشيات الحوثية على مغادرة اليمن فنقلتهم مباشرة إلى مطار صنعاء حيث صعدوا على متن رحلة جوية تابعة للأمم المتحدة متجهة إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، الأمر الذي يوحي بأن الأمم المتحدة كانت على علم بهذا النفي القسري.
ولا يزال البهائيون المطرودون منفيين من اليمن حتى اليوم.
ووصف أحد أتباع الديانة البهائية كيف تم اقتياده مباشرة إلى المطار فور الإفراج عنه، فقال:"رجوتهم أن يسمحوا لي برؤية أبي لكنهم لم يسمحوا، و أنه في الثمانين من العمر ولن أتمكن من رؤيته مرة أخرى، كان هذا أصعب شيء مررت به في حياتي، أن أترك أبي بشكل نهائي".
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2020 قال، ما لا يقل عن ثمانية من المعتقلين الآخرين المفرج عنهم، لمنظمة العفو الدولية إن السلطات الحوثية نقلتهم مباشرة من معتقلاتهم إلى المطار، وأمرتهم بركوب رحلتين جويتين متجهتين إلى مطاري عدن وسيئون، وهما منطقتان تحت سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.
وقال أحد الصحفيين، الذي كان قد ظل معتقلا بصورة تعسفية لأكثر من خمسة أشهر بعد صدور أمر قضائي بالإفراج عنه، لمنظمة العفو الدولية:"كنا نريد البقاء في صنعاء لكن الحوثيين رفضوا الإفراج عنا بصورة غير مشروطة على الرغم من أن المحكمة حكمت بالإفراج عنا، فلم يكن أمامنا خيار سوى قبول الصفقة والمغادرة لأن منزلي وأهلي في صنعاء.. حياتي في صنعاء".
ومع مواجهتهم خطر الاعتقال لأجل غير مسمى وخطر التعرض للتعذيب، فإن منظمة العفو الدولية لا تعتبر "موافقتهم" على مغادرة موطنهم الأصلي، بينما كانوا لا يزالون رهن الاعتقال التعسفي، موافقة طوعية.
وقالت هبة مرايف "يجب على السلطات الحوثية إنهاء النفي القسري، الذي يمثل خرقا فادحا للقانون الدولي وإضافة دامغة إلى القائمة الطويلة من الانتهاكات الأخرى التي تعد السلطات الحوثية مسؤولة عنها. ويجب عليها السماح بعودة الأفراد المنفيين إلى ديارهم".
وأضافت مرايف "إن هذا التقرير يرسم صورة رهيبة لقائمة الانتهاكات التي تعرض لها هؤلاء المعتقلون السابقون، ومن بينها الاختفاء القسري والاعتقال في ظروف لاإنسانية، والتعذيب، والحرمان من الرعاية الطبية، والتعرض لمحاكمات فادحة الجور بتهم ملفقة".
وقالت" يجب على السلطات الحوثية، إلى جانب إنهاء هذه الانتهاكات فورا، أن تأمر بالإفراج الفوري وغير المشروط عن أي شخص اعتقل لمجرد ممارسته السلمية لحقوقه – من دون نفي أو إبعاد".
إقرأ أيضاً