ردود ومواقف الأطراف اليمنية، بما فيها الرئاسة والحكومة والأطراف الممثلة فيها والقوى الوطنية المتخندقة في معركة الاستعادة ومواجهة مليشيا الانقلاب الحوثي، على الهجوم الصاروخي الذي استهدف الحكومة ومطار عدن وعدن، شكلت في مجموعها صيغة واحدة تشاركية لبيان جماعي التقت وتوافقت فقراته صيغة ومضمونا، بما أن الهجوم استهدف الجميع دون تفريق أو تمييز.
قد يكون هذا مكسب جانبي مهم ويستحق التوقف عنده واحتسابه في سياق حصر خسائر ومكاسب ما حدث، ومن حيث لا أو لم يحتسب مخططو ومنفذو الاعتداء الأكثر صراحة في اقتراف الجرم الإرهابي عن إصرار وعمد ومجاهرة.
ما من شك أن فداحة الخسائر المدنية ونزيف العدد الكبير من الضحايا الشهداء والجرحى جراء الاعتداء الإرهابي والقصف الصاروخي المجرم والجبان في استهداف العدد الأكبر من الضحايا ومن الجميع وفي مجمع واحد، خلف مشهدا داميا وغائرا وذكرى مذبحة حقيقية يصعب نسيانها.
لكن أيضا لتكن هذه التضحية وهذا الثمن الفادح أمانة الباقين وضربية سالفة دفعت وعليهم.. الجميع.. أن يدفعوا مقابلها الكثير للمضي قدما انطلاقا من هذه النقطة بل البركة.. بركة الدم المسفوح على أعتاب عودة ينبغي أن تؤدي قدما إلى الاستعادة.
كان واضحا ومنذ اللحظات الأولى على وقوع الهجوم أنه يحمل بصمات حوثية إيرانية لا لبس فيها ولا تخطئها عين الخبرة وبصيرة التجربة المتراكمة. عمليا تم امتصاص الصدمة بأكبر قدر من الانضباط وبأقل قدر من الأثر والخسائر المباشرة والجانبية.. المادية والسياسية والعسكرية.
التماسك الكبير الذي ظهر وأظهره الجميع بدا وكأنه التوقيع والإشهار المناسب وغير المتوقع لبداية جديدة وفارقة، وعلى هذا النحو المباغت، في مستهل مرحلة يعول عليها أن تكون مختلفة في كل شيء وتقطع مع ما سبق وتصل مع المستقبل وتستدرك ما فات وتتجاوز أو تتحاشى العثرات والأخطاء ومصائد النزيف والاستنزاف طويل الأمد الذي ضرب اليمنيين ومعركتهم المصيرية في الصميم.
انسجام الأمني والعسكري والسياسي ظهر جليا وأوفت عدن بوعدها وكانت أكبر من كل التوقعات وأكثر كفاءة ورحابة وإعجازا لاستيعاب هكذا جمع وفي هكذا لحظات صاخبة وصادمة ومدوية واحتواء وحصر بل ومنع كافة الآثار والتبعات الجانبية المترتبة على هجوم غادر وعنيف وعدائي بلا حدود حد استهداف مذبحة أو محرق جماعية لأمة من المدنيين وفي مطار مدني.
عطفا على كل الردود والمواقف والممارسات والبيانات والسلوكيات، تشكلت جملة موقفية جماعية ونادرة استوعبت الجميع... معظم الجميع على الأقل.. في الخندق والجبهة العريضة المواجهة للانقلابيين ومليشيات الذراع الإيرانية ولإيران في اليمن. ذوت وتصاغرت التباينات وتناسجت خيوط الإجماع في موقف وبيان ورأي وجملة جامعة.
النتيجة، في شقها الأول، أفادت المواقف موقفا ناجزا تبلور في اليوم التالي، خلال اجتماع الحكومة الأول بالتصميم على مخاطبة المجتمع الدولي بتصنيف المليشيات الحوثية الإرهابية "كمنظمة إرهابية"، وزاد رئيس الوزراء بالإشارة إلى مسؤولية خبراء إيرانيين بالوقوف وراء التخطيط والتنفيذ للهجوم الإرهابي والاعتداء على الحكومة ومطار عدن.
الشق الثاني من النتيجة، كان يطابق في المعنى والمؤدى الجماعي لكافة الردود والمواقف خلاصة مكثفة في قول العميد طارق صالح قائد المقاومة الوطنية وعضو القيادة المشتركة لجبهة الساحل الغربي: لن تستقر (لا اليمن، ولا) المنطقة كلها، إلا حين يُقطع دابر الشر والإرهاب الذي يقصف عدن ويحتل صنعاء ويخدم طهران.