مانع سليمان
عن الكاتب حافظ مطير
الثلاثاء 11 يونيو 2019 الساعة 04:32

سأكتب هنا للتأريخ شهادة عن أنقى كاتب عرفت، سأكتب لكم عن جمهوري عتيد لا يتاجر بقضايا البلد رغم امكانيته على فعل ذلك، لكنه يأبى التكسب بالقضايا الوطنية حتى لو بلغت به الحاجة الى أن يمتضغ ترابا ليلين به معدته التي تتصارع أمعاءها من الجوع.

أكتب للتأريخ عن أعف يمني عرفته يترفع عن طرح حاجته للناس، نعم إنه الكاتب والمهندس حافظ مطير، مناضل جسور ومكافح ليس له شبيه، حافظ مطير الذي أزعج الكثير بكتاباته من المنزل المتواضع الذي استأجره بمطار مأرب المفتوح لكل من آوى إليه، والذي تم اعتقاله عصر اليوم في مأرب لكتاباته المقارعة للفساد.

انه حافظ محسن علي مطير، من محافظة ذمار مديرية جبل الشرق قرية المعابرة، ابتدأ حياته في قريته، والتحق بالمدرسة التي كان فيها المتفوق والطموح، أكمل دراسته الثانوية في المديرية ليلتحق بعد ذلك بجامعة حضرموت وجعل هندسة النفط تخصصه العلمي الذي انطلق عليه، معتمد في استمراره بالدراسة على مرتب والده المتقاعد بعد خدمة عسكرية قضاها طويلا على حدود اليمن.

المهندس في النفط حافظ مطير تخرج من الجامعة بحلم اليمن التي يبالغ في حبها، إلا أنه اصطدم بكتل الفساد الهاشمية داخل وزارة النفط، ومن هنا بدأت ذاكرة القيل حافظ مطير تتشكل، ومن هنا بدأت ملامح وعيه تدرك محددات الصراع وجذور التجاذب داخل البلد، وبدأ بمقارعة الفساد داخل وزارة النفط وقاد حراكاً كبيراً لتجاوز العقد السلالية المسيطرة على النفط في اليمن بالتزامن مع انطلاق الحراك النضالي ٢٠١٢م، أضيف اسمه كموظف بمصافي مأرب لكنه لم يمكن من العمل فيها.

المناضل حافظ مطير يلتحق بالتدافع النضالي في الساحات التي كان يرى فيها سبيلا للخلاص من بؤر الفساد، والتحق بحزب العدالة والبناء ليكتشف بداية ٢٠١٤م أن تلك الأحزاب مخترقة من قبل اللوبيات الهاشمية، وأنها تسعى لاتخاذها لافتة سياسية لشرعنة الانقلاب الامامي أمام المجتمع الدولي، انتفض حافظ مطير بوجه الحزب الذي كان ينتمي إليه وقدم استقالته من الحزب وبدأ مرحلة جديدة في مواجهة الإمامة والكهنوت.

كان القيل حافظ يتواصل بي ويطلعني على ملاحظاته وتحليلاته للوضع، كنت استمع بحرقة لم أرها في أحد غيره، أحيانا كان يصر علي لأن نلتقي ونتدارس الكثير من القضايا، لن أنسى القيل حافظ مطير ذات ليلة كنا فيها أنا والكاتب حافظ والمناضل الجريح همدان الحقب بمأرب نناقش إحدى القضايا، وكان القيل حافظ يناقش بحرقة مرتفعة، وفجأة نجده ينفجر بالبكاء، لن أنساه وهو يلف المطبخ الصغير الذي جعلناه سكنا لنا ودموعه تتساقط على الكتب والأوراق المتناثرة فيها، مشهداً عظيما لشخص عظيم لن أنساه ما حييت.

القيل حافظ مطير شخصية لن تتكرر، أقولها لله والوطن والتأريخ، مشكلته نقائه ووطنيته، يطوي فقره وفاقته بصمت، ولا يرتفع صوته الا للوطن وهويته، يظن بعض من يحسدونه أن ثمة جهة تدعم القيل حافظ وأنه يكتب ما يكتبه وفق السياسية التي توجهه بها تلك الجهة التي يظنوها اثماً، وأنا اقسم لكم بالله أنه لا يوجد القيل حافظ أي جهة يستند إليها وأن حياته وأسرته قائمة على مرتبه الذي يأتيه من مصافي مأرب، يستلمه ويسارع لشراء الدقيق والغاز والماء ويدفع الايجار ويبقى في بيته فقيرا لا مال له لكنه غنيا وقويا بالقضية التي يؤمن بها وبأقوى قوته، وفي ليلة العيد والفيل حافظ يبحث عن عشرة الف ريال يحاول أن يشتري بها لأطفاله كيسا من المليم الذي يمكنه من إكساء يوم العيد لأطفاله بلون يختلف عن اللون المألوف لهم بكل أيام العام.

حافظ ليس مكانه الاعتقال يا بشواتنا الأعزاء، حافظ مكانه الطبيعي مراكز الدراسات، والأنشطة البحثية التي من خلالها سيفيدكم بالكثير.

تضامني الكامل مع القيل حافظ مطير ولا نامت أعين المبعسسين.

*من صفحة الكاتب.

مقالات
أبو قصي الصبري المرادي
حفيد عامر بن صبر المرادي يدافع عن نفسه أمام آلة الصلف والهمجية!
همدان العليي
تهديدات عبدالملك وفليته.. "الهنجمة نصف القتال"
نبيل الصوفي
عبدالملك والحلم الإيراني.. من عنتريات القتل إلى مرارة الانكشاف
عادل الأحمدي
عبدالله بقشان: سيمفونية التنمية والتعليم
سمير اليوسفي
المصالحة الوطنية: مصير وطن ينتظر القرار
همدان العليي
ثورة ديسمبر.. واحدة من محطات النضال اليمني ضد العنصرية الكهنوتية