قبل سنتين لم نجد منظمة مراسلون بلا حدود ومقرها باريس، لم تجد من توصيف قانوني ينطبق على جريمة اختطاف الصحفيين وتغييبهم في سجون مليشيا الحوثي سوى أنها جريمة استخدامهم ك "رهائن" من أجل تحقيق مكاسب سياسية.
وبدون لف ودوران، فهذا الفعل يتطابق مع كل جرائم الاختطاف التي قامت بها عصابات في امريكا أو روسيا او فرنسا او بريطانيا او الكاميرون او غيرها ، هي جريمة اختطاف الأبرياء واتخاذهم رهائن لتحقيق مكاسب سياسية ومالية، تفعلها عصابات في كل مكان تختطف ركاب طائرة او تتخذ تلاميذ المدرسة رهائن او تحتجز مرتادي مسرح او سينما كذلك، وعندما تقوم اي عصابة باي فعل إرهابي كهذا تقوم الدنيا ولا تقعد ويعمل العالم كله على إنقاذ الرهائن انطلاقا من الواجب الأخلاقي والإنساني والقانوني ، لكن عريفث للاسف الشديد يشرعن لجريمة الاختطاف واستخدام المدنيين رهائن لتحقيق مكاسب سياسية ومالية!.
غريفث وعد ان ملف المختطفين سيكون مؤشر حسن النوايا، قال ذلك قبيل جنيف قبل أزيد من خمسة أشهر، وكان المتوقع حسب وعوده ان يتم الإفراج عن المختطفين أو بعضهم قبيل جنيف الذي رفض الحوثيون حضوره، بعدها استمر المبعوث الأممي في الشرعنة لممارسات عصابة الحوثي في ارتكابها لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بطرح ملف المختطفين جزرة في عصا المشاورات والتلاعبات وإهانة الإنسانية والقانون في سبيل ترويض الحكومة الشرعية وتشتيت جهودها وتضييع اولوياتها وحشرها في ميناء الحديدة فقط!.
في السويد لم يتم توقيع اي ورقة ولم يتناقش الكل حول اي ملف بتفاصيل فضفاضة سوى على ملف المختطفين باعتباره ملف إنساني، وهنا يجب التأكيد على نقطة حساسة للغاية وهي ان ملف المختطفين لم يطرح كونه تبادل، بل طرح لانه يأتي لغسل عار المجتمع الدولي والحكومة و مليشيا الحوثي على حد سواء ، طرح على أنها حاجة إنسانية ومطلب قانوني واخلاقي وبالتالي لم يكن على قبيل المساومة لولا ضعف الجانب الحكومي واستمرار شرعنة غريفث لجرائم مليشيات الحوثي الإرهابية.
ومع ذلك تم تزمين نقاط الاتفاق وإجراءاته وكنا جميعا نراقب لحظة بلحظة وعلى أمل أن تصدق الأطراف وضمير غريفث في إنجاز الوعد، لكن 45 يوما مرت ولم يحدث شيء ، وها هم يجددون المدة نحو شهر ايضا والحجة انه بسبب قائمة واسماء هنا وهناك وهذا كله هراء وتضييع وقت ليس إلا ، بل وشرعنة لجريمة استخدام الرهائن لتحقيق مكاسب سياسية.
منذ أول لحظة ولا نزال نحذر كل الأطراف من استغلال وتوظيف كرامة الناس وحرية الأبرياء وجوع المتعبين ومرض الغلابا لأغراض سياسية، لأن تسييس القضايا الانسانية والحقوق والحريات جريمة لا تغتفر، كارثة لا يغسل عارها مدى الدهر، ولكن غريفث يشرعن لهذا الفعل الشنيع، يمدد الفترة الزمنية ويرحل ملف المختطفين بينما تصريحاته ومن يقف خلفه منصبة حول الحديدة فقط، وهو بذلك يقول ان الإفراج عن المختطفين مرهون بتحقيق تنازل في الحديدة، وهذه وظيفة عصابة الحوثي في اتخاذ اليمنيين الأبرياء رهائن خدمة لمشروع خارجي قذر، وهذا اكبر دليل على صمتهم على فتح مطار صنعاء بعد السويد.
ما يؤسف ان تتم هذه الشرعنة في ظل عجز حكومي فاضح وغير مقبول ولا مبرر، وشبه تغافل او تجاهل لهذا جريمة تستمر عصابة الحوثي بارتكابها وشرعنة خطيرة من المجتمع الدولي "المنافق" تجاهل غير مفهوم من قبل الأطراف العربية في مجلس الأمن وهو لا شك انعكاس لهزال دور الحكومة.
غير أن هكذا سلوك وشرعنة وتوظيف لملف المختطفين رهان خاسر وقبيح وسيعود بالعار على كل من تورط فيه، أما الأبطال خلف القضبان وأسرهم فهم من سينتصر في النهاية، انتصار مظلوم صبر متيقنا بعدالة آتية لا محالة.