يمتلك عبد الملك الحوثي الموهبة على إنتاج الحروب والصراعات.
بدا واضحا أن الرجل فقد السيطرة على نفسه وعلى جماعته فأورد في خطابه كثيرا من المغالطات.
ظهر عبد الملك في هذا الخطاب في أسوأ مواقفه على الإطلاق.بدا وكأنه طابور خامس يعمل على تخريب التعايش بين اليمنيين ويعرقل جهود السلام.
لقد وضع اليمن هو وجماعته في بركة دم لم يسبق لها مثيل. ولم يعد من الممكن فهم هذا الجنون الهستيري لحب القتل والهدم. فقد تجلت نزعة التدمير في خطابه في أعلى مراتبها.
اليمنيون بين مشروعين
على مداخل صنعاء يقف محمد علي الحوثي بأمر من عبد الملك يدعو الناس إلى الموت.
وفي ميدان السبعين يقف المؤتمر الشعبي العام يدعو الناس إلى الحياة.
الحوثيون يرفعون ملازم حسين الحوثي التي تمجد الموت وتحشي أتباعها بالكراهية.
والمؤتمر يرفع شعار المصالحة والسلام. فياترى مع من سيكون الناس؟ بالتأكيد سيكونون مع الحياة والاستقرار والتنمية.
الحوثيون يهتمون بقضية الحرب ويمنون على الناس أنهم يحاربون مع العلم أنه لم يكلفهم بذلك أحد.
والمؤتمر وبقية القوى المحبة للسلام يهتمون بقضية السلام وتقديم التضحيات في سبيل ذلك.
يتكلم عبد الملك عن وحدة الصف ويحرض عليه في نفس الوقت. تحدث عن عدم السماح لمن يعيق مؤسسات الدولة ومشرفيه أكبر عائق في وجه الدولة ومؤسساتها.
قال إنه غير راض عن أداء مؤسسات الدولة لكنه لم يقل أنه غير راض عن اللجان الثورية التي دمرت هذه المؤسسات.
قال إنهم لم يكونوا طلاب مناصب لكنه لم يقل للمشرفين غادروا مؤسسات الدولة.
شكى من فساد القضاء لكنه لم يقل أن وزير العدل منهم ورئيس القضاء الأعلى والنائب العام تم تعينهم من قبلهم.
قال إنهم مستعدون للتضحية حتى آخر رأس وأن رأسه حاضر لكنه لم يتبع القول الفعل ويذهب إلى الحدود ويظفر بالشهادة وببنات الحور حتى يكون قدوة في ذلك.
كان كاذبا في كل كلمة قالها في خطابه إلا كلمة واحدة صدق فيها حينما قال:مهما قال القائلون ومهما تكلم الكاذبون مهما حاولوا أن يزيفوا الحقائق مقابر الشهداء تشهد. ونحن نشهد أيضا بأنه في عهدكم لم تتسع غير المقابر.
قال أنهم رجال سلام لكنه أستثنى ذلك بالقول إن الذي سينفعنا هو الصمود. أما المبادرات لن توصلنا إلى نتيجة كما قال.
والمضحك المبكي أنه قال نحتكم إلى الشعب وإلى ما يقرره الشعب. وحينما يريد الشعب أن يذهب إلى السبعين ليقرر ما يريده يعتبر ذلك خيانة وتفكيك للجبهة الداخلية.
في هذا الخطاب لم يكشف عبد الملك أنه بعيد عن المشهد فحسب بل غير مدرك أيضا لعواقب الأمور.
بعد كل هذا الدمار والفساد الذي أرتكبته هذه الجماعة ليس أمام عبد الملك الحوثي إلا أن يسمع للشعب الذي سيخرج على بكرة أبيه وعليه أن يوجه أتباعه بتسليم مؤسسات الدولة وأن ينخرطوا في إطار المجتمع فليس لهم عاصم اليوم من الإرادة الشعبية.
الناس متعطشة للراتب والكهرباء والماء والسفر داخل البلاد وخارجها والذهاب إلى صناديق الاقتراع لانتخاب مجالسها المحلية ونوابها ومحافظيها ورئيسها.
أقول لك أخيرا ما قاله الإمام علي بن أبي طالب. قال:حين سكت أهل الحق عن الباطل توهم اهل الباطل انهم على حق.