همدان العليي
حرمان المدنيين من المياه
الأحد 8 يونيو 2025 الساعة 02:35

كنتيجة طبيعية للحرب، تتضرر العديد من المؤسسات والمشاريع الحيوية والتي توفر للسكان احتياجاتهم الأساسية. لكن الأمر بالنسبة للحوثيين مختلف، فهم يقومون باستهداف هذه المصالح بشكل متعمد لتجويع السكان الذين يرفضون قبول معتقدهم السياسي والعقائدي. 
على سبيل المثال لا الحصر، ومنذ العام 2015م حتى كتابة هذا النص في العام 2022م، تصر جماعة الحوثي على حرمان سكان مدينة تعز من الانتفاع بمياه الشرب الموجودة في «الآبار» التابعة لمؤسسة المياه الحكومية الواقعة ضمن سيطرة الجماعة والتي ترفض السماح بتشغيلها أو نقل المياه منها إلى السكان في المدينة ما فاقم من أزمة المياه داخل المدينة والمناطق الريفية في محافظة تعز والتي تعاني من شح المياه من قبل الحرب.
وتترك جماعة الحوثي بصماتها واضحة على كثير من المصالح الحيوية، مثل خزانات المياه أو عبّارات المياه أو الجسور التي لم تسلم -هي الأخرى- من التفجير المتعمد في العديد من المناطق التي كانت تسيطر عليها. وتلجأ الجماعة لتفجير خزانات المياه قبل انسحابها كإجراء انتقامي من سكان المناطق الذين إما وقفوا ضدها، أو لم يقاتلوا معها.
في إحدى المعارك التي دارت في محافظة حجة (شمال غرب اليمن)، وقعت كاميرا تصوير خاصة بالإعلام الحربي الخاص بالمقاتلين الحوثيين، احتوت على فيديو عبارة عن نقاش بين المقاتلين الحوثيين في حجة وهم يتحدثون عن تفجير خزانات مياه ومدارس.
يظهر خبير متفجرات حوثي يدعى «أبو حسين»، أثناء محاولته تفجير عبوة ناسفة عن بُعد، كما يظهر مسلح آخر وهو يعترف، متفاخرًا، بتفجير مدارس وخزانات مياه عبر جهاز لاسلكي، وينهي كلامه بتقديم النصائح للمقاتلين حوله باتباع خطواته الجديدة لتفجير المنشآت المستهدفة( ).
ومن الصعب حصر عدد خزانات المياه التي فجَّرها الحوثيون خلال فترة الحرب، لكن ثمَّة بعض الحالات نُشر حولها في وسائل الإعلام، أبرزها:
- فجَّر الحوثيون خزانات مياه تابعة لمشروع المياه الوحيد، في مديرية حيس، بمحافظة الحديدة، في عملية انتقامية من أهالي المدينة( ).
- فجَّر الحوثيون خزان المياه المركزي الذي يغذي مدينة التحيتا، في محافظة الحديدة بعدما هزمت في المعركة( ).
- فجَّر الحوثيون خزان المياه الإرتوازي الأساس الواقع غرب مدينة الدريهمي والذي يغذي عددًا من الأحياء السكنية بمياه الشرب( ).
- فجَّر الحوثيون ظهر يوم الأحد 20 يناير/كانون الثاني 2019م، بئرًا إرتوازيًّا، يعتمد عليه سكان ثلاث قرى أي قرابة 6000 نسمة في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة، وقتلت مواطنًا حاول منعهم بحسب شهود عيان لموقع «نيوز يمن» الإخباري. وبحسب شهادات أهالي قرى «المنقم الأعلى ومحيط وادي نبع»، فإنَّ الحوثيين حاولوا يقنعونهم بمغادرة مساكنهم مِرارًا منذ أسبوعين قبل تفجير البئر بذريعة أن «الدواعش» سيستهدفون منازلهم وعرضوا عليهم نقلهم بالباصات الكبيرة إلى منطقة بيت الفقيه، وعندما عجزوا عن إقناعهم بالرحيل، فجَّروا البئر، واغتالوا المواطن صالح حسن جاحي بعدما اتهموه بأنَّهُ يحرض القبائل على عدم الرحيل( ).
- 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020م، بثت قناة اليمن الرسمية تقريرا حول قيام الحوثيين بتفجير خزانات مياه الشرب في عدد من القرى الموجودة شمال محافظة حجة عقب انسحابها منها، مِمَّا أدَّى إلى تفاقم معاناة السكان في هذه المنطقة( ).
وقد تعالت أصوات كثيرة مناشدة بإيقاف هذا النوع من الجرائم باعتبارها سلاحًا يستخدمه الحوثيون ضد الأهالي، كان منها رئيس مركز حقي لدعم الحقوق والحريات الناشط الحقوقي هاني الأسودي، والذي أكد في ندوة أقيمت في أروقة مجلس حقوق الإنسان التابع لحقوق الإنسان بجنيف( )، أنَّ حصار الحوثيين للمدن من أهم عوامل تفاقم أزمة المياه في اليمن لا سِيَّما في محافظة تعز، حيث استخدمت كسلاح في الحرب ما اضطر السكان إلى نقل المياه على ظهور الحيوانات. فضلًا عن قصف الحوثيين وتفجيرهم لخزانات المياه الإرتوازية في عدد من مديريات الحديدة كوسيلة انتقام من الأهالي الذين لم يقفوا معهم ضد القوات الحكومية ( ) 
لم يكن الوضع أفضل من غيره في جميع المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فقد مارست الجماعة العديد من التعسفات التي تسببت بحرمان الأهالي في تلك المناطق من مياه الشرب.
بحسب تقرير فرعي صادر عن اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، فان جماعة الحوثي منعت منظمة الصليب الأحمر الدنماركي من تنفيذ مشروع مياه مدينة المحويت عبر تقنية منظومة الطاقة الشمسية.
تقع مدينة المحويت شمال غرب العاصمة صنعاء على بعد 111 كم، ويعاني سكانها منذ فترات طويلة من شح المياه لعدم توفر مادة الديزل التي من خلالها يتم تشغيل المضخات الموجودة في منطقة (الهجره) ليتم إيصال المياه لسكان المدينة المعلقة في قمم الجبال، وكان مشروع ضخ المياه بواسطة توليد الطاقة بتقنية الألواح الشمسية فرصة حقيقية تسهم بشكل كبير في إنهاء معاناة أهالي المدينة لفترات طويلة. في مارس/أذار أبلغ الحوثيون الصليب الأحمر الدنماركي بإيقاف المشروع بشكل كامل بذريعة ضرورة تسليم أموال المشروع إلى المجلس الأعلى للشؤون الإنسانية الخاضع لهم ليقوم بإنجاز المشروع وهو ما رفضه الصليب الأحمر الدنماركي لإدراكهم بأن مصير الأموال ستنتهي -مثل سابقاتها- في جيوب قيادات الحوثي.
سبق ومنع الحوثيون عددا من المشاريع المتعلقة بالمياه والتي كانت ستسهم في التخفيف من معاناة سكان المحويت بحسب تقارير إعلامية وحقوقية مختلفة، وما حدث في هذه المحافظة، مورس أيضا في بقية المحافظات الخاضعة لسيطرة الجماعة.

* من كتاب الجريمة المُركبة.. أصول التجويع العنصري في اليمن

مقالات
همدان العليي
حرمان المدنيين من المياه
سمير اليوسفي
فرحةُ الجاهلِ… حينَ كانَ العيدُ وطنًا كبيرًا
نبيل الصوفي
شركاؤنا في غبار البلاد حتى لو اختلفنا معهم هم رأس المال
نبيل الصوفي
"ضربات اليهودي ترامب" لم تكن حربنا
عادل الأحمدي
علماء صنعاء المجددون.. مُقدمة النَاشر
همدان العليي
تهديد مطار عدن: جرس إنذار واضح لليمنيين ودول الخليج