السير في طرقات الناس.. التعرض لما يتعرضون له.. الحياة بينهم، تمثيل احتياجاتهم.. النضال لأجل قضيتهم.. العراك الدائم مع التشوهات في الوعي وفي الأحلام وفي الشعارات، هي متطلبات لقيادة اليوم.
كان يومًا حافلًا، قبل الحادث.. تناولنا الفطور في منزل الشيخ سليمان منصر، قائد لواء الزرانيق، كدِر ولبن، في بيت من بيوت الجبهات.. وبعدها تنقلنا بين أزقة مدينة الخوخة وناسها.
في ثوانٍ، كان الحادث.. وكانت ألطاف الله هادرة قوية، تقول لنا: القدر حاكم.. القدرة حدود.
"السلامة وحدها ليست رأسمال للسياسي"، قالها يومًا الزميل محمود ياسين عن السياسي الذي يحاول النجاة بالاختباء، إن أراد السياسي أن يكون الناجي الوحيد، فعليه مغادرة السياسة، مع إدراك أنه "من المقدور لن ينجو الحذِر".
انكسرت الدينة نصفين، وصدمت أكثر من سيارة من سيارات الموكب، وخرجنا من بين الركام بأقل الأضرار.
لطف الله، وحده حمى الجميع، وحتى سائق الدينة وعائلته رغم الأضرار الجسيمة في سيارته إلا أنهم سلموا، عدا حد أدنى من الكسور توزعت على الجميع.
بالأمس، أرسل لي العميد صور سائق الدينة الذي تسبب بالحادث، وقد انتقل من العناية المركزة إلى غرفة عناية اعتيادية، وكنا نظنه لن ينجو. استعاد ابتسامة الحياة واطمأن على عائلته، وكل منهم في مستشفى مختلف.
يتابع طارق صالح "الإنسان" كل حالات الحادث من داخل غرفته في المستشفى، وكمواطنين فإننا نحب هذا الوجه منه، ونطمئن إليه.
بالتأكيد، تتنازعنا جميعًا الأضواء الخاطفة للحياة خارج بلادنا، غير أنه في السياسة من يغادر حياة من يدّعي تمثيلهم سيذوب مركزه العام مهما ادعى ومهما حاول.
لا نلمز أحدًا تضطره ظروفه للحياة خارج بلاده، فالظروف قاهرة، لكننا نرجو تعاوننا كلنا لكي نصمد بين الناس وظروفهم.
بلادنا تمر بمرحلة عاصفة، حتى الحوثي بكل إجرامه تأكله التحديات.
والناس يعيشون ظروفًا قاسية، لم يختبروها من قبل على الإطلاق.. ما لم تستحث السياسة أحلامهم كي يتماسكوا، فإن كل مراكزنا ستتهاوى في الداخل والخارج معًا، ولن نجد من يرد على رسالة أو اتصال.
فلنتعاون على الصمود.. لنراجع خطاباتنا وعلاقتنا بالناس، حتى تبقى بلادنا في حد الحياة الأدنى إلى أن يغير الله الأحوال أو يستبدل قومًا غيرنا أجمعين.
* في الصورة بعد انتقالنا لسيارة أخرى بعد الحادث مباشرة ، وبعضنا لا يزال يسأل: ماذا حدث.. كانت أول جملة يقولها العميد: اسعفوا الناس، موجهًا بترتيبات تخص التنقل والتأمين كأنما كان مارًا بالحادث مرورًا..
حمدًا لله على السلامة أخي النائب، لا تزال المعركة في مستهلها، في سبيل الله ولأجل الوطن والناس.
*من صفحة الكاتب على منصة "إكس"