وجدت في مستشفى مصري رجلا يمنيا يعالج أباه من سرطان في المعدة.
يقول: وصلت بوالدي القاهرة قبل أسبوع، إلا أن الدكتور أخبرني أن حالته متأخرة جدًا.
سألته: لماذا تأخرت عن إسعافه؟
قال: كان الوالد - شفاه الله - معتقد بالطب النبوي، وبشيوخ الطب القرآني، وبطب الأعشاب.
وبعد انهيار الخدمات الطبية على إثر وصول المسيرة القرآنية إلى مؤسسات الحكم في اليمن، ظل يتردد على معالج يدعي أنه متخصص بالطب النبوي، وآخر قارئ قرآن. فكان يصف له الأول خلطات قرآنية مع ماء زمزم، ومنعه من الأكل لمدد زمنية طويلة، حتى تحول والدي إلى هيكلا عظميا لا روح فيه، وتمكن منه المرض.
أما الثاني فكان يجثم على رقبته ويظل يصيح في أذنيه بتلاوة آيات قرآنية كالمجنون، حتى يفقد والدي الوعي، ثم يخبره بعد أن يفيق أن المرض بدأ يخرج من رأسه رويدا رويدا، وهكذا!
أضاف الرجل: ما زعلني وقهرني أكثر من حال والدي هو أنني وجدت شقيق النصاب القرآني الذي قتل والدي بخلطاته العجيبة يتعالج من نفس مرض والدي في هذا المستشفى، ولكن حالته طيبة وجسده متعافي ووزنه مثل الحمار، لأنه لم يتعالج بزمزم وبخلطات قرآنية وطب نبوي زي ما وصف لنا شقيقه القرآني النصاب.
أحزنني وضع الرجل ووضع وحال بلادنا، وجهل الناس وضعفهم وسيادة الخرافة؛ والتي بدأت بالانتشار بين الناس كانتشار الأورام السرطانية في الجسد اليمني، وتزايد الأطهار والمؤمنين، بعد انهيار الدولة! ولذا فالقرآن الكريم كتاب الله؛ نزل لتنظيم علاقات الناس البينية، وأخبارنا بقصص الأمم السابقة، ولتعليم الناس بعض شؤون حياتهم ودينهم، ولم ينزل لمداواة السرطان أو لاتخاذه سلما إلى السلطة، أو خنجرا لنحر رقاب الناس، أو وقودا لمحطات الكهرباء، فلا ينبغي تشويه الدين والزج بكتاب الله المقدس في مواضع دنيوية.
لا يوجد شيء اسمه طب نبوي، أو معالجة بالقرآن، أو استشفاء بماء زمزم، وعلى الناس الحذر من النصابين باسم الدين والقرآن أكثر من غيرهم من النصابين، ولا تصدقوا لخزعبلات دجاجلة التدين المغشوش والمُسيس.
نسأل الله صلاح حال بلادنا.