عيد مبارك.. متمنياً أن يعيده الله بالخير والسلام على اليمنيين والعرب أجمعين والعالم كافة..
ولكن ذلك لن يتحقق بمجرد ترديد الأماني، وتبادل التهاني، كما يفعل غالب الناس، بما فيهم القادة والزعماء.. وإنما بتغليب المنطق.. والاحتكام للعقل والعودة إلى الرشد، ونبذ العنف والانحياز لمصلحة الناس، وخلق دولة العدل والمساواة الضامنة لمصلحة الجميع، والعفو والتسامح عن المخطئين، إذا ما عادوا إلى الرشد، ومنحهم الفرصة بدلاً من حشرهم في زوايا ضيقة.
إنّ اليمنيين دينهم واحد، ولغتهم واحدة وبينهم تقارب وروابط وثيقة إلى حد التماهي، ورغم أنّهم اختلفوا على تمركز الدولة بدعوى احتكارها للسلطة والثروة، وتنازعوا بين خياري الحكم المحلي بكامل الصلاحيات، أو فيدرالية الأقاليم، فإنّ ما بدد شملهم هي هزيمة الدولة المركزية أمام الدعوات العنصرية القائمة على فكرة باطلة تدعي أحقية سلالة «معينة» بالحكم بأمر من الله إلى ما لا نهاية !
وهي دعوات شاذة من نفسيات مأزومة تنظر للآخرين بازدراء واحتقار، ويغلب عليها التعالي، فضلاً عن منافاتها للتحضر ومجافاتها للديمقراطية وحقوق الإنسان، وبسببها انفلت عقد اليمن، وسادت ثقافة الحقد والكراهية، والتعصب للتفتيت والتمزق..
نأمل أن تتضافر جهود كل الخيرين في اليمن وخارجه لكي ترفرف رايات السلام والتآلف والمحبة، وذلك متأتٍ بالعودة إلى طاولة الحوار تحت سقف دولة تظللها العدالة والمساواة والحرية والمصالح المشتركة أياً كان نظامها أو شكلها، وفيما عدا ذلك كل شيء قابل للنقاش.
وعلى الحوثيين الذين فتحت لهم المملكة العربية السعودية أبوابها وأكرمت وفادتهم هذا العام ليكونوا ضيوف الرحمان، اهتبال فرصة الحج لدعوة قائدهم للجنوح للحق والانصياع للحوار الجاد والملتزم "والاقتداء بالشرعية وبالأشقاء في السعودية بالتعامل المسئول مع مصلحة الناس، والتوقف عن قطع الطرقات وتهديد المطارات والموانئ ومحاصرة اليمنيين وتجارتهم في حدود مناطق سيطرة مسلحيهم" وذلك ما أكده عضو مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح في تغريدته الأخيرة.. لأنّ التجارب السابقة أثبتت أنّ بينهم وبين الحوار جدار كلما أريد له أن ينقضّ أقاموه من جديد، ظناً منهم أن اغراق الوطن سيصب في مصلحتهم، وسيركبون موجته وحدهم، غير آبهين أن هذا المنطق الأعوج تحكمه مطامع ونزعات أنانية، فضلاً عن استحالة تحققه على الواقع، وفي سنوات الحرب السابقة درس كاف لهم ولغيرهم.. حبث أحالت فتنتهم اليمن إلى ركام من الخراب.
وإذا لم يتأتَ ذلك فسيتحول أي حوار قادم إلى مسرحية هزلية..
ولن يقبل اليمنيون بإنهاء الحرب، لأن ذلك سيعني ترك بلادهم نهباً للفتنة والعصبية والتمييز العنصري الذي يعشعش في أذهان الحوثي واتباعه فقط، ولم يعد له وجود في هذا الوجود.
*وكالة 2 ديسمبر.