تعلمنا أن كسب الجولات في الصراعات التاريخية لا يمكن أبداً أن نعده نصرًا.
فالانتصار لا يمت بصلة لسيطرة عدو على صاحب حق.
فصاحب الحق هو المنتصر وإن قتل وتشرد، مادام ثابتا على قيمه ومبادئه وحقه، ولم يساوم.
إذا فسيطرة العدو وغلبته عليك بسبب ظروف متعددة لا يعني أنه انتصر؛ فالغالب الذي لا يحمل الحق والقيم والمُثُل والعدالة، والمساواة، يظل عدوا مكنه الله من قوم لسوء فعالهم، فهو هنا عقوبة ترتفع بالتوبة، ومادام هذا المجرم الظالم المنتصر جاثما على أولئك القوم فبصفته عقوبة سننية، لا منتصرا صاحب حق.
أقول هذا لأن بعض أصدقائي ممن تحوثوا أو هم في أصل جيناتهم حوثة، يظنون أنهم قد انتصروا، ويظنون أن هذا الفساد والعنجهية والعنصرية والطبقية التي يعاملون بها الشعب اليمني هي التي انتصرت، أعادوا الطبقية وعمموا مصطلح (يا سيدي) (سيدي ومولاي عبملك) تلك المصطلحات القذرة العنصرية التي كانت الجمهورية قد أهالت عليها التراب ورمت بأغلبها في مزابل التاريخ، يظنون ذلك انتصارا بينما هي جولة من جولات الصراع جعلهم الله أدوات قدرية يعاقب بها قومًا لبسوا لبوس الحق ولم يكونوا أهلا لحمايته، وجعل الله الحوثة أدوات استخدمها العدو الغربي وأذياله في المنطقة، لتأديب أبناء هذا البلد، فهم سوط العدو وسيفه المجلل بالعار؛ فلقد منع هذا العدو الدولي جيوش اليمنيين الرابضة في كل مكان عبر المؤسسات الدولية أي تحرك عسكري ضد الحوثي، وصنع عراقيل شتى حالت حتى اللحظة دون توحيد القوات العسكرية المنتشرة في كل البلاد لتكون اليد الباطشة ضد الحوثي لتحرير صنعاء، الفيتو الدولي الذي يخدم الحوثي، يعده الحوثي نصرا، بينما العدو الأصلي يحمي أجيره الحوثي عبر ضغوط ومساع، وفيتو لم يعد خافيا على أحد، بينما تجد عمائم الدجل تسوق هذا الارتزاق والعمالة لقطعانها في القرى والأحياء عبر خطاب تخديري أنه نصر إلهي، وأن أمريكا خائفة من الحوثي، ويثبتون ذلك بكلمات فارغة متفق عليها يطلقها بعض الكهنة ضد أمريكا، كتمثيلية سمجة لم يعد لها من يصدقها. لم تخف أمريكا من صدام حسين وقد كان لديه جيش وتسليح يهدد به أوروبا كلها.. ويدعي هذا الأجير المرتزق صاحب الشمة أنه يهدد أمريكا طقم وزامل..
نخلص هنا إلى أن الانتصار أسمى وأعلى وأعمق، وأنقى من تلك الصورة البلطجية التي يسوقها البلطجي عبدالملك الحوثي وأتباعه، فللنصر معنى عميق وشمولي وكبير ولا تنطبق عليه ترهات المحشش عبملك الحوثي أو حسين العزي أو أي مبرشم من هؤلاء..
فلو أن الأمر كما يقولون فإن الحق بجانب إسرائيل التي احتلت فلسطين بموجب مفاهيم الانتصار الحوثي، وكذلك أمريكا التي تسيطر على بحار ومضايق وعواصم العالم سطوة وقرارًا وعلى هذا المنطق الحوثي فإن دين الyهود و الأمريكان هو الحق لأنه انتصر على أمة محمد..
هذا هو المنطق الانتهازي المنحرف الذي يحاول الحوثي تعبئة أتباعه به.
وهنا أؤكد بناء على كل ما سبق أنه مادام هناك جمهوري واحد في اليمن، ومادام هناك من يقول للحوثي أنت مجرد كاهن إمامي بغيض، أنت عهد ممتلئ بكل وساخة، وظلم وعنصرية، أنت كارثة منذ أن ظهرت؛ فإن ذلك بحد ذاته نصر، وهزيمة للدجل والخرافة والكهنوت الحوثي، وهو المقدمة الأساس، والقاعدة الأقوي للانتصار المادي الأخير.