- تبرأ أحمد الكحلاني من دم اليمنيين الذين حكم عليهم بالموت والفناء واللجوء والتشرد ، اخرجنا ضاحكًا من ديارنا ثم غسل يديه في أعقاب معركة الحديدة ، قائلًا "إني بريء" !، كتب ذلك على صفحته في فيس بوك ، ونسي أن يعتذر ! ، لم يقاوم الانقلاب ، لم يُـبدِ ندمًا على شيء ، لم يطالب بتجريم الولاية الدينية التي تمثل مرتكزًا لشن الحروب على اليمنيين واستباحة دمائهم ، لم يتحدث عن واجباته البرلمانية في حماية الدستور الذي قال أنه يناصره بعد أربعة أعوام من التمرد الهاشمي على اليمنيين ، ومازلنا نتذكر صورته غاضبًا في محاولة لإسكات أنين النائب البرلماني عبدالعزيز جباري ، وفي مكتبة اليوتيوب عشرات المواقف المنشورة بالصوت والصورة تُظهر تأييده ومن معه لمجلس الحوثيين المتمرد .
- لم تعد المواقف مُسجّلة في الظلام ، لقد ذُبحنا بشفرة الكحلاني أمام العالم ، ذلك الرجل الذي لم يكن ينقصه شيء من مال أو جاه أو نفوذ أو جمال . لكنها زراعة الشر استوطنت الدم واباحت صنعاء للغزاة الهاشميين ومن معهم حتى هربوا وقتلونا وقتلوا أنفسهم في كارثة مدمرة لم يعد بإمكان أحد أن يواريها الثرى دون أن تظل مطالب العدل حقًا أصيلًا لضحاياها ، كُنا نبكي في السجون ، والمعتقلات الرهيبة ، عُذّب اليمنيين بسياط الهمجية الهاشمية ، قالوا وظهورنا مكشوفة لعذابهم إنها ولاية هاشمية ودونها يفنون ولا يبقون على أرض الله . فهل تكفي البراءة ؟
- بيلاطس البنطي Pontius Pilatus حكم على السيد المسيح بالموت صلبًا إرضاءً لليهود ثم أمر حاجبه بإحضار آنية فيها ماء ، وغسل يديه قائلاً كلمته الشهيرة : اني برئ من دم هذا البار ! ، لقد فعلت هكذا يا "أحمد" في زعيمك ورئيسك و كل المهاجرين من صعدة يوم زرعت أولادك وغلمان سُلالتك في منظمات الإغاثة الإنسانية والحقوقية حتى صار المهاجِر مُجرمًا ، وبات الحوثيون في عهد تقاريرك المُضلِلة أمراء حق وطُلاب سلام !، لقد اصدرت احكامك فلا تعتقد أن البراء ينفعك مالم تنل جزاء كل هذا وتعتزل ، لقد فعلتها وفعلها كل أولئك الذين حسبناهم مشرقين كالضوء ، طعنتم انفسكم بأيديكم واهلكتم عيالكم وسخّركم هواشم الريف الصعدي خُدّامًا لمسيرته الكارثية . حسبتموها نزهة تُخضِعون معها أعناق اليمنيين وقد كُنتَ وغيرك من الشامي إلى المضواحي في نعيم ، في جنة الله ، تأكلون ما شئتم وتتزوجون من شئتم ، وتملكون من المنازل والمزارع ما لا يُحصى ونحن أغراب في أرضنا وحقنا وتاريخنا وهويتنا، ولأنها عادتكم انطلقتم تتخافتون ، أن لا يحكمها اليوم يمني مبين ، فجعلتكم عاصفة الحزم كالصريم ، قلتم إنه العدوان الرجيم ، ولم يكن عدوانًا إلا على الظالمين .
- حتى براءتك عامة ، لم تُدِن أحدًا ، ولم تُحدد موقفًا من شيء أو جماعة أو حزب ، تسخر مِنّا وتظن أنها النزهة ذاتها التي أخرجتك من صنعاء لتسعى في القاهرة وتكن ظهيرًا للمجرمين ، لا يا رجل ، نحن نقرأ ونعلم ونفهم ، نقرأ ما كتبته من اتفاقيات كنت عرّابها مع المؤتمر الشعبي العام فورطتهم في حلف مع المشروع الهاشمي للولاية والحكم ، ونعلم ما خضته من مفاوضات ماراثونية لدى رموز الرأي واصحاب التأثير الإجتماعي لإبتلاع الجمهورية ، ونفهم ما تحاول أن تتقي به غضب الملايين الذين يرون فيك وفي شقيقك المجرم وحاشيتك من المشرفين والمُعذِبين والقناصين والقتلة والمحاربين اساس هلاك اليمن ودمار نسيجها .. ولو غسلت يديك بماء زمزم ، ثم توظأت بالأسحار والليل وما يغشى ، والفجر والضحى ، والصبح إذا تنفس ، وسبّحت الله في المغيب والدُجى .. لم نعد أولئك السُذّج ، وسيفك اليوم مغروس في فمي !.
· يا أحمد :
أنت رجل لطيف ، أنيق ووسيم ، بارع ، وخيالك خصب ، تفوقت علينا في كتابة السيناريوهات الشائقة ، قدرتك على إثارة المشاهدين بالغة الأثر ، كان لك مستقبل في الرواية السينمائية تناظر بها "دان براون" لكن المشكلة أنك لم تكتب شيئًا ، بل فعلت كل شيء ، أخرجت السفاح من شاشة التلفاز ليقتل أهلنا ويسجنهم ويعذبهم ، ثم دعوتنا لاحتفالية مشاهدة العرض الأول ، ارتدينا أجمل الثياب ، ومشينا على السجاد الأحمر ، جلسنا في أول الصفوف نأكل الفُشار ، فظهر البطل وفي يده مدفع آر بي جي ومن وراء الكاميرا كنت تشير إليه ليطلقها على منزل زميلك "جباري" ، ثم ظهر الممثلون في أطقم منهوبة يهرعون إلى كل بيت يمني لنهبه واختطاف رجاله ، مشاهد خيالية من الهاشميين الزومبي في الشوارع والمؤسسات والأحياء والقُرى ، استمر المسلسل والمُشاهِد يتهم عفاش ثم اليدومي والآنسي ، لا إنه علي محسن ، ويُشكك في هادي ، ثم تلك الصدمة اللذيذة في آخر المسلسل بإكتشاف القاتل الحقيقي الذي لم يكن متوقعًا ، أووو إنه أنت ، و يدوي التصفيق الحار ، فتنال جائزة الغولدن غلوب كأفضل مخرج وممثل وممثل مساعد ومنتج وفاعل. لقد أخرجت كل المشاهد على أرض الواقع ، ثم تأتي هكذا لتتنازل عن عالم الإخراج الواقعي ، بعد كل المال والدعم اللوجستي من المؤسسة الإقتصادية وتكوين الحراك وإزالة مارد الثورة ، والتضحيات التي قدّمتها من دماء عشيرتك واقاربك ، حتى صهرك "صالح" اصدرت عليه حكم الإعدام ، وضحيت به من أجل الجائزة .. إنه المسلسل الأكثر دموية والأغلى كلفة منذ اخترع ابن الهيثم قُمرة التصوير .. البراء لا يكفي يا أحمد ، نعم .. إنه لغة متقدمة سياسيًا ، لكنها غير كافية مالم تعلن اعتزالك الأخير ومن معك من الدُرّة إلى البعرة ، ومن حمود إلى حقود عن الحزب والسياسة والبرلمان والوظيفة الحكومية وتلتزموا بالمثول أمام القضاء اليمني لكل دعاوى الفصل القادمة ، فلكل شيء نهاية .
وإلى لقاء يتجدد