غائب حواس
الحوثيون وممارسة البهلوانية على المؤتمر والإصلاح: لعبة "السُلّم والجدار"!
الجمعة 11 فبراير 2022 الساعة 15:48

بالنظر في قول من يقول إن فبراير فشلت في تحقيق أهدافها! الحقيقة أن الطرف المحرك لفبراير وأخواتها لم تفشل أهدافه في اليمن، فعندما نلقي نظرة شاملة ودون تحيّز -على فبراير نجد أن مكوناتها وعوامل تحريكها التي تفارقت عند محطات الوصول فيما بعد -كانت عبارة عن طرفين اثنين ووسط، أو لنقل وسيط:
- طرف خفيّ يقف خلف الستار - ليس في فبراير وحدها بل في منظومة "الربيع العربي"ككل -وهي الخارجية الأمريكية وفروعها المتمثلة في سفاراتها التي تحولت إلى غرف عمليات في عواصم "الربيع".
- طرف ثانٍ ظاهر ولكنه مُدان وغير قانوني يقبع في زاوية الهامش ولا يستطيع الوصول إلى المركز إلا من خلال حامل شعبي وجماهيري وغطاء من المكونات السياسية تُجري له عملية غسيل لجرائمه وتبعات سنينه الملطخة بالدم والبارود، هذا الطرف هو الجماعة الحوثية الشيعية التي نشأت ضمن منظومة ميليشيات العنف الشيعية المسلحة في المنطقة، وتحت نظر الأمريكان.
- طرف ثالث وهو الحامل الشعبي والجماهيري المطلوب ( أمريكيّاً ) لحمل الأقلية الشيعية المسلحة، وهو عبارة عن مكونات سياسية قوامها إخواننا في جماعة الإصلاح وحلفاؤهم في المشترك بالإضافة إلى جمهور عام متذمر من الأوضاع ومتأثر بالهيجة الإعلامية المصاحبة لتغطية تداعيات "الربيع العربي". وهذا الطرف أو التيار العريض هو الذي يتوافر لديه احتمال حسن النية بنسبة الأغلبية - لولا أن القيادة الصبيانية التي ابتلي بها هذا التيار وهذه الجموع ضيعت وأهدرت كل عوامل القوة فيه مراعاةً - إما لمصالحها الذاتية أو لظروفها وتخوفاتها، وكذلك لتبعيتها لإشارات السفارة - هذا التيار الوسيط أو السُلّم الذي ألقى به الأمريكان للحوثيين ليصعدوا عليه من حفرة اللامشروعية - ولأنه لدى الأمريكان مجرد ( وسيط - سُلّم ) فقد رموا به حال حصول الحوثيين على الشرعية الثورية ثم وصولهم إلى مركز التأثير وصنع التحول وفرض الواقع (صنعاء).
من هنا ترى أن هدف الأمريكان من تشجيع الإسلاميين وحلفائهم في اليمن على الخروج قد تحقق وهو استخدامهم كرافعة ميناء أو كحافلة نقل جماعية لإيصال الأقلية الشيعية لمركز القوة وغمسها في الشرعية الثورية - تماماً كما صنعوا لهم في العراق، ولا تغترَّ يوماً بالشعارات التي ترفع للإستهلاك الجماهيري فنحن نتذكر عند اجتياح الأمريكان وآبائهم الإنكليز للعراق كيف كانت شعاراتهم القضاء على الدكتاتور وفرض الديمقراطية وتأمين المنطقة وإنقاذ العراقيين من أنفسهم ! ورأينا كيف أن الكرد والإخوان هناك تم استخدامهم لمهزلة تمثيل السُنّة والأقاليم فاستخدموا كقنطرة عبور تم نسفُها بعد العبور مباشرة ! هذه الشعارات التي رفعها غزاة الفرس والروم الجدد كانت مغريةً لخصوم صدام يومها حتى أن ليبرالية الخليج أحيوا سهرات الأنس وشربوا نخب الغرام ابتهاجاً بسقوط تمثال ساحة الفردوس !
وقد كان الجدل ليظل قائماً لفترة أطول حول أهداف اليمين البروتستانتي من حملته العسكرية لغزو العراق لولا أن الحاكم العسكري بول بريمر - وهو المعروف بصهيونيته حسم الجدل حول هدف الغرب الصهيوني الحقيقي من غزو وإسقاط عراق العروبة بيد الفرس وشيعتهم، فعندما سأله التلفزيون العربي ( تليفزيون تابع لقطر ): ما هي الفائدة والهدف أو المكسب الذي حققتموه من إسقاط نظام صدام مقابل التدمير الذي حصل في العراق؟ أجاب بريمر ودون مواربة أو مواراة:
"لقد أنهينا ألف سنة من هيمنة السُنّة على العراق"!!
إذن - وأهداف الصهاينة الأمريكان في اليمن لا تختلف عنها في العراق، وهي إعادة تمكين الأقلية الشيعية وفصائلها المسلحة، وبالذات أنهم ينظرون إلى اليمن أنه كان محكوما بسلالة الهاشميين الشيعة - وإذن والحالُ هذه فإنه من الأميّة الإستراتيجية بمكان عدمُ إدراك سياسة الأمريكان في اليمن - يومَها - تجاه ميليشيات الحوثي الشيعية !
غير أنه - واستكمالاً لإلقاء الضوء على العوامل والأطراف الداخلية - فإن من الحق ألا نُغفِل دور الرئيس صالح وأنصاره وكيف استلموا الدور باحتراف اللاعب المُعار والمتحمس من الوسيط الفبرايري ( الإصلاح وحلفائه ) فور وصول الحوثيين على مشارف حاشد، بل وانخرطوا لمستوى الغرق والتماهي في مشروع تمكين الشيعة أكثر من إخوانهم في الضياع الفبرايريين، فعدا عن تسخير فلول النظام وعدا عن الدولة العميقة لصالح التي وضعها تحت تصرف الحوثيين فقد فتح صالح الكمّ العددي من قاعدة أنصاره كرصيد بشري في بنك غلام الكهف الحوثي يشيّع منهم من يشاء ويجند من يشاء، وما يزال إلى اليوم يجد في عوام أنصار صالح من يصطاده إلى مراكز دورات التعبئة الشيعية الخمينية، وذلك نتيجة عدم القدرة على الوصول والتواصل المؤثر من قبل إخواننا المؤتمريين الذين أصبحوا بعد مقتل صاحبهم ضد الحوثي بأغلبية التوجه العام.
من هنا وبالخلاصة المبسطة بالمثال نستطيع القول أن الحوثيين ومن يقف وراءهم قد استخدموا مع الإصلاحيين وحلفائهم والمؤتمريين وحلفائهم استراتيجية ( السُلَّم والجدار ) ففي ٢٠١١م كان الإصلاحيّون هم السُلّم وكانت الدولة بقيادة صالح هي الجدار، وقد استطاع رعاة المشروع الحوثي أن يتجاوزوا الجدار باستخدام السُلَّم، ومثلما استغنى الحوثيون عن سُلّم ٢٠١١م بعد إسقاط جدار صالح استطاعوا مرة أخرى إقامة جدار صالح المنهار وتحويله إلى سُلّم يتجاوزون به سُلّم ٢٠١١م الذي كان قد تهيّأ للقيام كجدار، وللمرة الثانية نجحوا بواسطة السُلّمِ الجديد في تجاوز الجدار الجديد.
عند نهاية العرض البهلواني- هذا، وبعد أن تجاوز الحوثيون الجدار الثاني (الذي كان السُلّم الأول) باستخدام السُلَّم الثاني (الذي كان الجدار الأول) حان وقت النظافة وإزالة الركام والمخلفات وتنظيف ساحة العرض، فجمعوا حطام السُلّمَين على أنقاض الجدارين وأضرموا نارهم في حطامها وركامها وأقاموا حولها حفلة النار من حطب السلالم الغبيّة، ثم دعوا سادتهم من مرازبة الساسانيّين الجُدد ( أيرلو وقومه ) ليأتوا ويؤدوا معاً خلطة شعارهم وشعائرهم، ويقيموا طقوسهم حول نارهم المقدسة التي أُُشعِلت للمرة الثانية في صنعاء بعد إشعالها فيها في الكَرَّةِ الأولى قبل خمسمائةٍ وألف من السنين - بزناد وهريز الديلمي وجنوده!

مقالات
د.عبدالوهاب طواف
أنفاق الجماعة في جبال صعدة
نبيل الصوفي
ثواني الحادث وألطاف الله الهادرة
نبيل الصوفي
عن مصدر هزائم اليمنيين الأول
كامل الخوداني
مناضلين "فير اند لفلي"
همدان العليي
عن تحريض اليمنيين ضد الأشقاء
همدان العليي
حراك الأقيال الفكري.. حارس الحقيقة