كذبتان متناقضتان يروج لهما جناحان متصارعان لا يهتمان بتحرير اليمن من الحوثيين أكثر من اهتمامهما بالمكايدات الممولة من دولتين خليجيتين في طرفي الصراع!
الكذبة الأولى أن الاصلاح يتلاعب بالمعارك لاستنزاف التحالف والكذبة الثانية أن التحالف يتلاعب بالحرب لاستنزاف الاصلاح والشرعية.
الحقيقة على الأرض مختلفة تماما، فالشرعية وشركائها بما فيهم أعضاء الاصلاح المنخرطين في المقاومة، لا يمتلكون التسليح النوعي والتدريب الكافي لحسم المعارك، ولذلك الكلفة البشرية في الحرب مرتفعة، أما التحالف فهو صحيح يبحث عن حليف ميداني تابع له، لكن حساباتهم الخارجية مع أمريكا أهم.
تبحث الشرعية عن دعم من التحالف لتوسعة دائرة نفوذها على حساب الحوثيين والانفصاليين والقوات الموالية للامارات، فيما السعودية لا ترى أن الشرعية ممثلة لكل الأطراف وأن دعمها لحسم الحرب يخلق مشكلات وصراعات، ومن خلال اتفاق الرياض أرادت رسم خارطة جديدة قبيل الضغوط القصوى لجلب الحوثيين.
لا أظن حسم المعركة ضد الحوثيين في خطط التحالف بقيادة السعودية مطلقا، لأنها تنظر إلى الحوثيين كجزء من أي عملية سياسية يمنية مستقبلا، وحددت الرياض المشكلة في ضرورة جلب الحوثيين من تحت نفوذ طهران إلى نفوذها، لكن الحوثيين استغلوا هذا النفس المتسامح معهم فوسعوا عملياتهم خارج الحدود.
الفجوة التي حصلت بسبب انعدام إرادة التحالف حسم المعركة ضد الحوثيين وزيادة الشكوك بين شركاء التحالف المناهضين للحوثيين هي وراء رواج كذبة الاستلام والتسليم، فالحقيقة هناك دماء في أي معركة مع الحوثيين.
ولتفنيد كذبة الاستلام والتسليم نتحدث عن وقائع ميدانية:
بعض المعارك تؤدي إلى هزيمة سريعة لحلفاء الشرعية كما حصل في الساحل ونهم والجوف وشبوة وقبلها مناطق الحدود، وبعضها تؤدي إلى هزيمة الحوثيين بسرعة كما حصل في عدن سابقا وشبوة حاليا وأثناء تحرير الساحل قبل ذلك.
وبناء على ذلك،هل الشرعية تتعمد حصار مناطق نفوذها الأخير مأرب وشبوة؟
وهل التحالف راضي بتواجد الحوثي على الحدود السعودية؟
وهل الحوثيون عادوا من باب المندب وعدن ومن جانب آبار النفط في شبوة ومأرب بكامل إرادتهم؟
هناك حرب ودماء وهناك أطراف محلية وإقليمية ودولية منخرطة ومتناقضة الأهداف، وبالذات ما يتعلق باستراتيجية إيران وأمريكا،ولذلك طال أمد الحرب.
وإذا تماشينا مع فكرة المؤامرة من قبل التحالف على أن هدفه من إطالة أمد هذه الحرب تمكين النظام السابق والانفصاليين والسلفيين وتحجيم الشرعية والاصلاح، فهذه الفكرة لا تحتاج لكل هذا المخطط وهذه الحروب وهذه الدماء ، وبإمكان المصارحة مع السعودية على تحقيق المصالح المشتركة مقابل الحسم.
مثلا الاصلاح لن يمانع في عزل كل مسئوليه من الشرعية إذا كان المقابل حسم المعركة مع الحوثيين ، فإذا كان عزل مسئول إصلاحي مقابل تحرير ثلاث محافظات فهو نصر كبير للشعب اليمني ، لكن حتى هذه الفكرة لا تغير من الواقع شيء، لعدة أسباب مرتبطة بالسعودية أهمها:
لا تريد السعودية إنهاء الاصلاح بل تحجيمه فقط، لأن القضاء عليه قبل الحصول عن حلفاء ميدانيين قريبين من واقعية الاصلاح ونفوذه الاجتماعي والسياسي سيدخلها في مأزق مشابه لمأزق حسم الحرب ضد الحوثي والقضاء عليه.
وثانيا حسم الرياض للحرب مع الحوثي مرتبطة بسياسة شريكتها واشنطن تجاه إيران.