التبابعة والأقيال والأذواء والمكاربة والعباهلة والإكليلات، مصطلحات دلالية تجسد الهوية الحضارية لليمن واليمنيين وليس بينها وبين الإسلام تعارض أبدا، فقد خاطب النبي صلى الله وسلم اليمنيين بها في رسائله السياسية وانظروا طبقات بن سعد وكتب الحديث والتاريخ وسيُفرد لهذا الموضوع مقال آخر إن شاء الله .
لكن الذي دعاني لكتابة هذا المقال تعليقات لبعض الإخوة الكرام بالوتس او صفحتي بالفيس بعد نشر مقطع غنائي في زفاف عريس بمأرب للفنان الثائر القيل كما يحب تسمية نفسه، طلال التركي، واستبدل عبارة "مرحبا جد الحسيني.."، بعبارة "مرحبا القيل اليماني، مرحبا قحطان وآله"، كاستدعاء للهوية اليمنية، وبالمناسبة كنت حاضرا بذلك العرس وكان للعبارة وقع خاص على الحاضرين اتبعوها بالتصفيق، ومئات الآلاف من الشباب والرجال اليمنيين يشعرون بالفخر حين ينادى الشخص منهم (ياقيل) يرون فيها الفخامة والاعتزاز بالهوية مع رفضهم للبعض الذين يسيؤون للإسلام او نبي الإسلام أو لصحابة النبي صلى الله عليه وسلم، المهم أن تلك العبارات التي رددها الفنان والحاضرون لم يكن فيها مايشير للإساءة للنبي صلى الله عليه وسلم الذي بدأت الزفة بالصلاة والسلام عليه وخُتمت بالصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم.
أيها الإخوة الكرام حين يُوصف النبي صلى الله عليه وسلم ويُعَرَّف كونه جداً لأسرة أو سلالة يُعتبر إساءة للنبي صلى الله عليه وسلم وترسيخ للعنصرية الهاشمية القائمة على المبالغة والمغالاة في حب البيت العلوي الفاطمي على حساب مكانة البيت البكري والعمري والعثماني مثلا وبقية بيوت الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.
أما البيت النبوي فأهله ازواجه فقط بنص القرآن الكريم وهن أمهاتنا أمهات المؤمنين رضي الله عنهن أجمعين وشاهت وجوه الرافضة الأفاكين .
ويجب أن نتقي الله ولا نُسهم في توظيف ادعاء الانتساب للنبي صلى الله عليه وسلم، رسول الله لكل الناس ورحمة الله للعالمين، من أجل إضافة ميزات معنوية واجتماعية في الذهنية الجمعية للمجتمع المسلم وخاصة عندنا في اليمن لصالح سلالة عنصرية كانت ولاتزال لأكثر من ألف عامٍ النكبة الكبرى لليمن واليمنيين والإسلام والمسلمين.
وهذه المفاهيم التي يسعى البعض للحفاظ عليها هي جزء من تلغيم الموروث الإسلامي والشعبي واحتفاظه ببذور التشيع لدى المجتمع السني ناهيك عن الشيعة.
لذا يجب ذكر وتعريف النبي صلى الله عليه وسلم بما عرَّفهُ الله به من صفات وخصائص لرسالته وأبرزها:
"العالمية.
" الإنسانية.
"الرحمة.
" خاتم الانبياء.
"البشير النذير والسراج المنير صلى الله عليه وسلم.
وقد نفى الله عنه الأبوة لأحد وهو في مقام النبوة "ما كان محمدٌ أبا أحدٍ من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين". بل هو كما قال الله تعالى "أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم". وجعل العلاقة بيننا وبينه وهي التي تعنينا كمسلمين، هي علاقة الإهتداء والاتباع فقط، ولسنا معنيين بما تكدَّس لدى البعض من موروثٍ خرافيٍ سلاليٍ يبعدُنا عن دائرة الاهتداء والاتباع لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم لأننا نعبد الله على بصيرة.
فقد أمر الله سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول للناس "قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين" نعوذ بالله أن نكون من المشركين المقدِّسين للرسول أكثر من الرسالة ولبعض أصحابه أكثر من الله تعالى ربنا وخالقنا وأكثر من الدين نفسه.
وأجمل ما يوجد في التراث الإسلامي واليمني مقطوعة تعزف بها شرايين الوجدان قبل الأفواه:
طالع البدر علينا، من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا، ما دعى لله داع
أيها المبعوث فينا، جئت بالأمر المطاع
جئت شرَّفت المدينة، مرحبا يا خير داع
قد لبسنا ثوب عزٍ، بعد تمزيق الرقاع
صلى الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم جاءنا بالمساواة ولم يكن حصريا على أسرة أو سلالة.
وهذه أبيات غنائية صدحت بها قريحة أجدادنا اليمنيين الأنصار في استقبال رسول البشرية محمد صلى الله عليه وسلم بعد سنوات من صد قريش وإيذاءها له ولمن أسلم معه من المهاجرين فأصبحوا جميعا إخوة رضي الله عنهم أجمعين.
وردد مع الأنصار من سبق إلى يثرب من المهاجرين "طالع البدر علينا..." وسيظل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بدرا وسراجا منيرا برسالته وهديه، ونرفض أن نُعرَّفَه ب'جد الحسيني' أو'قمر بني هاشم' في الشأن العام والثقافة الإسلامية رفضا قاطعا، فهو ماركة ربانية فكرية وجدانية عالمية خالدة لن نسمح لسلالة دعيّة أن تمارس الكهنوت أو تحصل على حق إلهي مدَّعاً باسمه الكريم ومكانته الرفيعة.
وفي عقيدة اليمنيين الراسخة أنهم آمنوا بالنبي محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ليس له أبناء، بل له رسالة خاتمة فهِم اليمانيون مضامينها، وحملوا لواءها للعالمين فكانوا خير من تمثل روح الإسلام الحضارية وأرسى مداميكها وأقام صروحها في مشارق الأرض ومغاربها.
وخلال ثلاثة قرون من حركة الفتح الإسلامي تجاوز نصاب اليمنيين فيها أكثر من ثلثي جيوش الفاتحين.
صلى الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ورضي الله عن صحابته المهاجرين والأنصار أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.