يرى البعض ان اليمنيين اليوم يخوضون حربا عبثية، لن يكتب في نهايتها انتصار كامل لأي من أطرافها، بل يذهب البعض في اطار حديثهم عن الحرب إلى ترجيح كفة النصر للحوثيين بناء على معطيات واقعية تفرضها مسارات المعركة والسياسات المحلية والإقليمية المحركة لها.
تساعد بعض الكتابات والآراء المصحوبة بتوجه أعلامي وفق ما يعرف بالقراءة الواقعية للأحداث في خلق تصور معتم وانعكاس ظل قاتم يرجع سلبا على المنطلقات العامة التي قامت من أجلها الحرب.
على العالم الذي يتفرج على مأساة اليمنيين وحربهم ان يتوقف عن التنظير العبثي وهو يتناول الحرب فيها، على الأعلام العالمي الذي يغفل قضية الحرب في اليمن ويمارس نوعا قاتلا من الحياد والنفاق تجاه ما يعانيه الشعب من حرب فرضت عليه من قبل المليشيات الحوثية ان يتوقف عن تناول هذه الحرب بلغة النفاق والحياد والتزييف الذي يميع قضية اليمنيين ويفتح الباب واسعا لكهنة السياسة ان يمارسوا كهانتهم في الوقت الذي يفرشون السجاد الأحمر من دمائنا لتأمين العبور الحوثي واستكمال سيطرته على مختلف مناطق اليمن.
على من أصابهم الملل والتذمر من استمرار هذه الحرب ووصفها بالعبثية ان يجربوا ان يعيشو معنا كشعب الواقع الحوثي الذي فرض علينا بقوة السلاح والانقلاب.
على أولئك المحايدون من أصحاب النظارات الشمسية والرؤى الثقافية الخارقة، وأصحاب النظريات الواقعية ان يدركوا معنى ان يستكمل الحوثيين حربهم في السيطرة الكاملة على كل التراب اليمني، ان يدركوا المعنى المترتب على سقوط مارب العز بأيدهم، و معنى ان تتحول اليمن إلى سياج امني بإشراف سجان واحد يملك اذن بقائنا على قيد الحياة واذن حريتنا وعيشنا وكرامتنا.
على من ينتظرون ان تنتهي الحرب وان يكمل الحوثي سيطرته على امل تسهم هذه السيطرة في انهاء الخصومات البينية والصراع حول السلطة، بما يمكن الشعب ان يكون أمام خصم واحد وحكومة واحدة وقرار سياسي وعسكري واحد يكون هو المسؤول شعبيا ورسميا تجاه ما يحدث، عليهم ان يعيدوا تقييم ومراجعة حساباتهم فتجاربنا مع الحوثيين ومن قبل مع الامامة تظهر لنا حجم الجناية التي ارتكبتها هذه السلطات بحق الشعب وبعدها كل البعد عن القانون والمسا ئلة والنظام والقانون، عليهم اذا ما كانوا يعتقدون خيرا بالمليشيات الحوثيه رغم ماحدث وما يمكن له ان يحدث ان يتبروا من هويتهم اليمنية، ومن تفكيرهم وامالهم التي لا تصنع غير الهزيمة ولا تنتج غير الجريمة المنظمة بحق الناس بكل اطيافهم وانتمائتهم.
على من يؤمنون بعبثية الحرب ان يعرفوا ان العبثية تكمن في تربية الهزيمة كثقافة عامة ومن منطلق حيادي ودعاوي أفاكه، تمهد لاستعباد الشعب، ورهن مصالحه وموارده بيد عصابات مليشاوية لا تفقه من امر الدولة والنظام إلا لغة السيطرة والسلطة.
عليهم ان يعرفوا ان من سرق من فم الشعب لقمة عيشه وهو مازال في بداية سيطرته وحاجته لحاضنة شعبية وفي ذات الوقت الذي كان فيه حاملا شعارات محاربة الجوع و إسقاط الجرعة التي اظهرت تناقضات وزيف انقلابه، لن تمنعه سلطته من البطش والتنكيل بهذا الشعب وقد توفرت له مقومات السيطرة.
عليهم ان يدركوا ان من قام بهدم المساجد والمنازل وقتل وروع الأمنين ومنع التعليم وقطع الرواتب وعطل مؤسسات الدولة وطارد كوادرها واستهدف نخبها وخبرائها، انه غير قادر ان يتعامل مع واقع دولة طبيعية، ولن يتحمل أعباء دولة بدون حرب فالحرب هي الغطاء الساتر لكل جرائمهم وهي التي تغطي على الفساد المالي والإداري والنهب المنظم وتعطيل ومصادرة موارد الدولة الحرب يا محايدين هي من تغذي مصادر الانقلاب الغير شرعية وتمنحهم الحق في ارتكاب الجريمة وابتزاز الناس ومصادرة حقوقهم وحريتهم ومنع رواتبهم.
لذا لابد لهذه الحرب ان تستمر بعقيدتها الجمهورية ووهجها النضالي وفكرتها القومية في تحقيق الذات اليمنية والانتصار لها.
اما اولئك المأملين على توقف الحرب بشكلها الحالي حسب فرضية النظرة الواقعية لصالح الحوثيون وإمكانية السلام ، أقول لهم جازمة ان هذه الحرب لن تكون الحرب الأولى كما لن تكون الأخيرة بالنسبة للحوثيين سيفتعلون الحروب واحدة ضد أخرى، وسيستمر مشهد ترويع المجتمع وابتزازه اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وعقائديا ومذهبيا، وسيفتحون جبهات متعددة وسيجدون المبررات لها.
لقد اعتاد هؤلاء المتوردون على الحرب وتعايشوا معها ومع الفوضى والجريمة المترتبة عنها كعقيدة سياسية وفكرية واجتماعية عادلة، لذا لابد للحرب ان تستمر على وجهتها الحالية حامله في مساراتها راية الثورة والجمهورية حتى وان فقدنا لا قدر الله جميع المواقع.
على حالة السخط الشعبي والوجدان الشعبي الحر المناهض للحوثيين ان يظل تمترسا في جبهة الصمود الجمهورية، وان لا يتأثر بالدعايات أو المألات التي تنتج عنها الحرب فاهم ما في هذه الحرب أننا موضوعها واننا كشعب مادتها وجوهرها الطبيعي وكيانها المستهدف ونحن فقط من يملك قرار استمرارها الذي عقدناه بهزيمة شاملة لمتوردي الإمامة وتشييع خرافتها الدينية والسياسية إلى مزبلة التاريخ والى الأبد.
ستضل هذه الحرب قائمة وسيضل الوجود اليمني مهددا بفقدان ذاته وامنه واستقراره طالما هناك من ما زالوا يؤمنون بأحقية الحكم الامامي، والذين ما زالوا يقفون موقف الحياد تجاه ما يجري، فحربنا هي حرب بين مشروعين قدر لهذا الجيل ان يخوض بطولاتها وان يتعلم من دروسها وان يستخلص العبر منها بان لا وجود ولا كرامة ولا امن ولا حياة كريمة وعادلة لليمنيين مع وجود هذه الشجرة العنصرية الخبيثة التي تمارس سياسة وعقيدة التمييز و التفريق الاجتماعي بين اليمنيين من منطلق شرعية الحكم لهم والتبعية المطلقة لنا.
ان الإنسان اليمني بعقيدته الجمهورية وإيمانه المطلق بحريته وكرامته لا يعنيه الاستعانة بصديق أو الجمهور أو الحذف، "على غرار برامج الحظ واليانصيب"، ليربح وجوده ويقرر مصيره فخياراته حددت سلفا وهو من سيصنع الانتصار الكبير بصموده ووقوفه الصارم أمام موجات الاستعباد الثقافي والسياسي والاجتماعي القائم وهو وحده من سيتمكن بإرادته الحرة من الانتصار الكامل لقيمه وأهدافه ودولته، مهما كانت الخسارة ومهما عظمت التضحيات، ولسان حاله ما دمت أكافح وأناضل عن وجودي كيمني وكشعب فلن أكون اضعف من فتنام ولن يكون الحوثيين اقوى من أمريكا، فالعاقبة بالنصر لأبناء القضايا العادلة وعلى هذا جرت سنة الله في الأرض، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.