تتصاعد جرائم المليشيات الحوثية وتتنوع لتعكس الشبق الذي تملك قادتها لرؤية الدم والأشلاء وهي تتطاير في الهواء محمولة بشظايا الصواريخ البالستية التي يفجرون بها المنازل على رؤوس ساكنيها.
جرائم تشبه أخلاق مرتكبيها، لا يمكن فصل الجريمة هنا عن الانفعالات التي تتحكم في صاحبها بفعل التكوين الثقافي والسيكولوجي والتعبئة والتحريض التي كانت سبباً في تشكيل كل هذا الحقد والكراهية تجاه المنطقة التي قاومت الكهنوت ومرغته في التراب، وألهمت الأجيال حب الحرية ومقاومة البغي والطغيان. لم يشهد تاريخ الحروب بشاعة كتلك التي تضع بيد مدمني القتل سلاحاً فتاكاً، لا رقيب عليهم في استخدامه، أو إلى أين يوجهونه..
للحروب قواعدها، وحينما تتجاوز هذه القواعد، على النحو الذي تمارسه هذه المليشيات اليوم في مارب والجوبة وجبل مراد وقبلها العبدية وغيرها من جبهات القتال، فإنها لا تصبح عبثية فقط وإنما جرائم حرب لا ولن تسقط بالتقادم، لأن الدمار الذي تحدثه لا يتوقف عند الكيان المادي الذي تستهدفه وإنما يمتد ببشاعته ليرسم في الوعي المجتمعي خارطة تكثف المعنى الشاذ الذي يقف وراء هذه القوة البليدة والطائشة.
ما تقوم به المليشيات الحوثية من جرائم في هذه المنطقة، التي تشكل عمق الجمهورية وحزام خصرها الذي طالما حافظ على تماسكها في مواجهة تقلبات الزمن ومتغيرات الحياة، إنما يعكس مكانتها الخاصة في اللاوعي عند هذه الجماعة من حيث صلابتها في التصدي لمشروع الإمامة السلالي الكهنوتي، حتى أن " تكسيرها" يصبح استحقاقاً ببعد انتقامي، وهو الاستحقاق الذي يحعل ارتكاب الجريمة في هذه المنطقة، بالصورة الدموية البشعة التي رأيناها في أكثر من حالة، مسألة تعانق "البطولة" لدى مرتكبيها ممن تعفر وعيهم بتلك التعبئة الخاطئة.
في كل ركن، وفي كل زاوية من الأرض زرع الحوثيون فتيلة كراهية بسبب ما ارتكبوه من جرائم، وهم لا يتورعون من مواصلة السير على هذا الطريق الذي لن يفضي، في نهاية الأمر، سوى إلى ترسيمهم في جغرافية اليمن وتاريخها كعلامات لقتلة مروا ذات يوم من هنا، ليس أكثر من ذلك.