من حق كل المعارضين لحزب الإصلاح - وأنا واحد منهم - أن يختلفوا معه ومع معظم سياساته، من حق هؤلاء أن يروا أن الإصلاح نفذ في كثير من الأحيان أجندات خارجية وليست وطنية، لكن الاختلاف مع الإصلاح لا يعني بأي حال من الأحوال أن نترك الوطن يسقط مضرجا بدماء أبنائه وأن نتخلى عن المقاومة ونختزلها في حزب الإصلاح.
المواطنون الذين يتحملون الحياة الصعبة في كل لحظة مقاومون والذين يرفضون أن يعترفوا بالانقلابيين مقاومون والمدرسون الذين يزرعون الانتماء في عقول وقلوب الصغار مقاومون والنساء اللاتي يقمن بتربية أولادهن بعد استشهاد الأزواج مقاومات.
اختلفوا مع الإصلاح كما تشاؤون، هو ارتكب أخطاء قاتلة كثيرة، لكنه حينما يقاتل الإمامة العنصرية الغاصبة، فعلينا - على الأقل - أن نؤجل الخلاف معه قليلا، خصوصا وأن صراعنا مع الإمامة العنصرية صراع وجود، وهي التي فرضت علينا القتال ولم نسع إليه.
أخطر ما في الأمر أن يتحول الصراع بين الشرعية الدستورية وبين الانقلاب عليها إلى صراع بين الإصلاح والمؤتمر وبما يعيد فصول المسرحية الدامية التي أعقبت دخول الحوثيين عمران، وفي ظني أن الحزبين مستهدفين ولن ينجو أحدهما إذا سقط الآخر، فليس من الحكمة أن يقامران بوجودهما وليس بماء وجهيهما فحسب، إن هما ارتضيا دور الاقتتال نيابة عن الحوثي وعن المشاريع الإقليمية.
على أية حال، لست بصدد إسداء النصح، ولا أدعي الحكمة، فالمطلوب اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بدء الاستعداد الجدي للتفكير فيما ترسمه دول الرباعية لمستقبل اليمن واليمنيين، وكيف يمكن مقاومة الضغوط الامريكية والبريطانية، وماذا نحن فاعلون أمام تقويض الشرعية واستبدالها بشرعيات متعددة تسهل التبعية للخارج، من الخطأ، أو بالأحرى من الخبل انتظار البحث عن أجوبة لهذه الأسئلة والتساؤلات والخروج من إسار قبضة العجز والقراءات الخاطئة التي لا جمهورية أعادت ولا أرضا حررت.
يؤخذ على الإصلاح أنه أسلم بعض القيادات العسكرية لمدرسين، لكن ما يشفع له أنه كان من أوائل المقاومين لمشروع الحوثي الإرهابي، في الوقت الذي تراجع المؤتمر إلى الصفوف الخلفية ووظف البندقية في خدمة التحالف مع الحوثي، لكن المؤتمر عاد وفك هذا التحالف في الثاني من ديسمبر، وهنا كان بالإمكان توسيع المشاركة في المقاومة وإحلال القيادات العسكرية المؤهلة بديلا عن تلك التي كان لها شرف ملء الفراغ حتى تصحيح الأوضاع، وكان بالأحرى أن يفسح الإصلاح مساحة من الثقة بالمؤتمريين الذين انتفضوا ضد للمشروع الإمامي العنصري.
هناك حملة قذرة من البعض تستهدف الإصلاح، وهناك ردود فعل من قبل بعض الإصلاحيين تعيد نفس السيناريو والمخطط الذي استخدم في إسقاط عمران وصنعاء وكأن التاريخ يعيد نفسه، هؤلاء البعض في الطرفين يخدمون مشروع الحوثي ومن ورائه المشروع الإقليمي المتربص باليمن وقد اصطفوا كمحرضين على المقاومة هنا أو هناك متساوقين مع المشروع الإمامي العنصري.
ما يدور حاليا حرب إيرانية مع السعودية، ولكن بدم الإنسان اليمني ورزقه وكرامته، وهناك من فقد البصر والبصيرة ويعمل لصالح السعودية أو الإمارات وكل ذلك يخدم المشروع الإيراني في اليمن، لكننا على يقين وثقة بأن هناك قيادات في الطرفين قد أدركت أوراق اللعبة وستعمل جاهدة على منع التحريض المجاني المتبادل الذي يجد له متنفسا في وسائل التواصل الاجتماعي وستحاسب كل من يسلك هذا الفعل وستمنع التعاطي معه، وستكون السباقة إلى إسقاط ما تخطط له دول الرباعية.